تتصاعد حدة النقاشات داخل إسرائيل حول ما تعتبره الأوساط السياسية والعسكرية "إخلالاً" من حركة "حماس" بالاتفاق المتعلق بتسليم جثث الأسرى، وتجاوزها المهلة التي حددها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي انتهت منتصف ليل أمس. كان ترامب قد وجه إنذارًا للحركة قبل يومين، مطالباً بتسليم الجثث خلال 48 ساعة، مع الإشارة إلى إمكانية تسليم بعض الجثامين فوراً.
من بين المقترحات المطروحة "لمعاقبة" حركة "حماس": توسيع "المنطقة الصفراء" الخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال، أو تقليص المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، لم يتم اتخاذ أي قرار نهائي بعد، مع تأكيد الأوساط الإسرائيلية على ضرورة التنسيق المسبق مع الولايات المتحدة.
في هذا السياق، نقلت "القناة 12" العبرية عن مسؤول أميركي قوله إن المهلة التي تحدث عنها ترامب "لم تكن إنذاراً نهائياً". وأشارت القناة أيضاً إلى أن "واشنطن تعارض في الوقت الراهن تقليص المساعدات إلى غزة"، لكنها مستعدة لدراسة توسيع سيطرة الجيش الإسرائيلي داخل القطاع كإجراء ردعي بسبب "بطء وتيرة تسليم الجثث".
على صعيد موازٍ، أفادت "القناة 13" العبرية، نقلاً عن مصادر إسرائيلية، أن "حماس" تعرف موقع دفن الضابطين، عساف حمامي، وهدار غولدين، "لكنها تختار عدم تسليمهما". وهو ما أكدته "هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين" أيضاً، التي زعمت أن "الحركة تعرف مكان جثث جميع المخطوفين".
في المقابل، أكد المتحدث باسم حركة "حماس"، حازم قاسم، في تصريح إعلامي أمس، تصميم الحركة على "تسليم جثث الأسرى في أسرع وقت ممكن"، نافياً صحة ما نشرته وسائل إعلام عبرية بشأن معرفة الحركة بمواقع الجثث ورفضها تسليمها، معتبراً أن "تغير معالم القطاع نتيجة العدوان والقصف الإسرائيلي حال دون تحديد أماكن دفن بعض الجثامين". وأوضح قاسم أن "حماس" سلمت حتى الآن 18 من جثث جنود الاحتلال، وأن "ضعف الإمكانيات يعوق انتشال البقية"، مجدداً التزام الحركة بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، "لسد الذرائع أمام الاحتلال". كما شدد على حق سكان غزة في إدخال المعدات اللازمة لانتشال جثامين نحو عشرة آلاف شهيد لا يزالون تحت الأنقاض.
رفع يسرائيل كاتس "الوضع الخاص" عن مستوطنات غلاف غزة، للمرة الأولى منذ سنتين.
من المقرر أن يزور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يوم غد، مقر "التنسيق المدني العسكري الأميركي" في جنوب الأراضي المحتلة، والذي يشرف منه الأميركيون على غزة، لـ"بحث مستجدات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة". فيما أُعلن عن زيارة مرتقبة لرئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية إلى الأراضي المحتلة هذا الأسبوع، لعقد اجتماعات مع كبار قادة الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، تتناول التقدم في تنفيذ اتفاق غزة، بالإضافة إلى الملف الإيراني.
كذلك، قرر وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أمس، عدم تمديد "الوضع الخاص" في مستوطنات غلاف غزة، الذي فُرض منذ اندلاع الحرب، ليعود الوضع إلى ما كان عليه بدءاً من اليوم. وأوضح أن هذا القرار جاء بناءً على توصية الجيش، ويعكس "الواقع الأمني الجديد" في الجنوب، الذي تحقق بفضل العمليات العسكرية "الحاسمة" ضد "حماس" في أثناء العامين الماضيين. وأضاف أن "استعادة الجثث لا تكفي"، وأن على إسرائيل تحقيق الأهداف الكبرى للحرب، وعلى رأسها "تفكيك حركة حماس ونزع سلاحها"، متوعداً بمواصلة العمل "بقوة ومسؤولية" من أجل تحقيق أمن الإسرائيليين.
من جهته، جدد وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، التأكيد على أن "الحرب لم تنتهِ بعد"، معتبراً أن "الاختبار الحقيقي يتمثل في نزع سلاح قطاع غزة". وشدد على أنه "لن يُسمح بإعادة إعمار غزة من دون ضمان نزع السلاح وتحقيق أمن إسرائيل أولاً".
على الصعيد الفلسطيني، أكدت قناة "كان" العبرية المعلومات التي تحدثت عن توافق بين حركة "حماس" والسلطة الفلسطينية على تعيين أمجد الشوا، رئيس "شبكة منظمات المجتمع المدني في غزة"، لرئاسة "اللجنة التكنوقراطية" التي ستتولى إدارة القطاع في المرحلة المقبلة. وأشارت القناة إلى أن "الشوا يحظى بقبول لدى الطرفين، وأن القرار النهائي ينتظر مصادقة الولايات المتحدة".
ووفق مصادر فلسطينية، نقلت عنها القناة، فإن الشوا يُعتبر شخصية "مريحة" بالنسبة إلى "حماس"، إذ "حافظ على علاقة متوازنة معها لسنوات، من دون أن يعلن انضمامه إلى صفوفها". كما أكدت المصادر أن "الحركة تشارك بشكل فعلي في تشكيل حكومة التكنوقراط المقبلة، واختارت نحو نصف أعضائها من شخصيات قريبة من خطها السياسي، في حين اختارت السلطة النصف الآخر"، مع قبولها الضمني بدور "حماس" في تشكيل هذه الحكومة.