تعتبر مشاركة سوريا في النسخة التاسعة من مبادرة مستقبل الاستثمار (FII) في الرياض 2025، برئاسة السيد الرئيس أحمد الشرع، نقطة تحول مهمة في طريق عودة سوريا إلى الساحة الاقتصادية الإقليمية والدولية. تعلن سوريا من خلال هذه المشاركة عن دخولها مرحلة جديدة من إعادة البناء والتكامل الاقتصادي والتحول الرقمي، واضعة نصب عينيها هدفًا واضحًا: أن تكون مساهمًا فعالًا في عملية التنمية، لا مجرد متلقي للدعم.
ترى الخبيرة في البحوث الزراعية وتطوير النظم الزراعية المستدامة الدكتورة انتصار الجباوي أن هذا الحدث يجب أن يُنظر إليه كفرصة استراتيجية للنهوض بالقطاع الزراعي، الذي لا يزال يمثل العمود الفقري للأمن الغذائي والاقتصاد الوطني، وليس فقط من منظور السياسة أو الاقتصاد العام. وأوضحت أن هذه المبادرة تمثل منصة عالمية تلتقي فيها رؤوس الأموال بالابتكار، والتكنولوجيا بالتنمية المستدامة، ومن هنا يمكن لسوريا أن تطرح الزراعة الذكية والمستدامة كأحد أهم مجالات التعاون مع الشركاء في المملكة العربية السعودية والدول المشاركة، وذلك من خلال جذب استثمارات نوعية في مجالات الري الحديث، وإنتاج البذور، والتصنيع الزراعي والغذائي.
وأشارت الجباوي في حديثها لـ"الحرية" إلى أن إحدى أهم الرسائل التي يمكن أن تحملها سوريا الجديدة هي توجهها نحو رقمنة الزراعة، من خلال إدخال نظم إدارة الموارد المائية والبيانات الزراعية عبر التكنولوجيا الحديثة، وإنشاء منصات رقمية تربط المزارعين بالأسواق والمستثمرين، مما يجعل الاستثمار في هذا القطاع أكثر شفافية وجاذبية. وهنا يأتي دور الشراكات الدولية في نقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات في مجالات الزراعة الدقيقة والذكاء الاصطناعي.
كما أوضحت أنه من الضروري أن تستفيد مراكز البحوث الزراعية السورية من هذا الانفتاح من خلال توقيع مذكرات تفاهم مع مؤسسات بحثية عربية وعالمية، لتطوير برامج مشتركة في الزراعة المستدامة، والتكيف مع التغير المناخي، وتحسين الإنتاجية. وأكدت أن هذا التعاون يمكن أن يعيد للبحث الزراعي السوري دوره الحيوي في دعم القرارات والاستراتيجيات الوطنية.
وأعربت الجباوي عن أملها في أن يتم اقتراح إنشاء صندوق استثماري سوري-سعودي للزراعة المستدامة من خلال هذا الملتقى، يهتم بتمويل مشاريع زراعية نموذجية في الريف السوري، وخاصة في المناطق المتضررة من الأزمة، مع التركيز على الطاقة المتجددة وإعادة تأهيل الأراضي وتطوير سلاسل القيمة الزراعية. وأضافت أن هذا الصندوق يمكن أن يكون نواة لشراكة طويلة الأمد بين القطاعين العام والخاص.
واختتمت الجباوي حديثها بالتأكيد على واجب الخبراء والمؤسسات في استغلال هذه الفرصة لتكون الزراعة – كما كانت دائمًا – محركًا للتنمية والاستقرار في سوريا الجديدة.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية