في أعقاب التقارير الصحفية المتداولة حول اجتماع الرئيس أحمد الشرع في باب الهوى، قامت صحيفة "الوطن" بتقصي الحقائق من مصادرها الموثوقة، وكشفت عن تفاصيل ما دار خلال الاجتماع الذي اختتم به الرئيس الشرع جولته التي شملت حمص وحماة وإدلب. وأكد الرئيس خلال الاجتماع أن السياسة السورية الجديدة، سواء السياسية أو الاقتصادية، تعتمد على أسس مختلفة تماماً عما كان سائداً في الماضي.
أكدت المصادر أن اللقاء كان ودياً وغير رسمي، جمع الرئيس مع قادة محليين ومسؤولين ووجهاء من المنطقة. وشدد الرئيس الشرع على انتهاء مرحلة الاستثناءات التي رسخها النظام السابق، مؤكداً أن ثقافة الامتيازات الشخصية والمحاباة لم تعد مقبولة تحت أي ظرف، بغض النظر عن خلفية الأشخاص أو مواقعهم.
كما أشارت مصادر "الوطن" إلى أن النقاش في الاجتماع تناول ملفات سياسية وأمنية واقتصادية، مع التركيز بشكل خاص على محاربة الفساد ومنع تضارب المصالح، حتى داخل الدوائر المقربة من الحكم. وأكد الرئيس الشرع بوضوح أن الدولة لن تتهاون مع أي تجاوزات، وأن هيئتي الرقابة والتفتيش مخولتان بالعمل وفق معايير مهنية صارمة، مشدداً على أن أي مسؤول يستغل منصبه لتحقيق مكاسب شخصية سيحاسب ويحال إلى التحقيق، مهما كانت مكانته.
خلافاً لما ذكرته بعض التقارير الأجنبية، أكدت مصادر "الوطن" أن الاجتماع لم يشهد أي مصادرة لممتلكات أو مفاتيح سيارات، وأن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة. وأشارت المصادر إلى أن الاجتماع كان منظماً وهادئاً، وهدفه نقل رسالة واضحة حول شكل الحكم في المرحلة المقبلة.
الاستثمار خيار
اقتصادياً، أكد الرئيس على ضرورة التخلص من ثقافة الثمار السهلة التي خلفها النظام السابق، داعياً إلى فتح باب الاستثمار أمام الجميع في بيئة قانونية عادلة تضمن المساواة بين المواطنين، بدلاً من أن يكون الاستثمار مقتصراً على أصحاب النفوذ أو العاملين في المؤسسات الحكومية.
كانت الرسالة واضحة: سوريا المستقبل تدار بعقلية الإنتاج وليس بالامتيازات، والدولة دولة قانون وليست دولة ولاءات. الاجتماع في باب الهوى لم يكن مجرد لقاء رمزي، بل إعلاناً صريحاً عن نهاية مرحلة الفوضى وبداية مرحلة الانضباط، بالثقة التي تولد من محاسبة الفاسدين، ومن اقتصاد شفاف يتيح فرصاً متكافئة لجميع السوريين.
تبقى الحقيقة الأهم أن سوريا الجديدة تسير نحو نموذج يؤكد أن محاربة الفساد هي مسؤولية كل مواطن وليست حكراً على الجهات الرقابية فقط، وضرورة انتهاج سلوك يعيد الاعتبار لقيمة العمل والانضباط، ويضع حداً لثقافة النفوذ التي كبلت الدولة لعقود. ففي الوقت الذي يواجه فيه الاقتصاد تحديات معقدة، تؤكد الدولة ضرورة قاعدة العدالة الإدارية والاجتماعية كمفتاح للتنمية، وأن مكافحة الفساد ليس شعاراً سياسياً، بل أداة لبناء الثقة بين الدولة والمجتمع. محمد راكان مصطفى
