الأحد, 2 نوفمبر 2025 05:00 AM

إعادة اكتشاف جبران: "عشرون رسمًا" في طبعة جديدة وترجمة زاهي رستم

إعادة اكتشاف جبران: "عشرون رسمًا" في طبعة جديدة وترجمة زاهي رستم

هذا هو جبران... جبران الذي لا يموت! رغم رحيله، إلا أنه يولد من جديد كل يوم. في اللحظة التي أغمض فيها عينيه للمرة الأخيرة في الغرفة 301 بمستشفى سانت فنسنت في نيويورك، في تمام الساعة الحادية عشرة إلا عشر دقائق من ليلة الجمعة الموافق العاشر من أبريل عام 1931، هل كان يدرك أنه لن يُمحى من الذاكرة إلى الأبد؟ فمنذ ذلك الحين، وهو حاضر مع كل شروق شمس، في كل مكان، من خلال طبعات جديدة، وترجمات جديدة، وكتب جديدة، ودراسات جديدة، ولا يمكن حصرها.

أحدث هذه الإصدارات يظهر اليوم في أمريكا، عن دار "منشورات خياط" في واشنطن. الدار أصدرت قبل أيام ترجمة أنيقة ومتقنة لكتاب "عشرون رسمًا" للكاتب السوري زاهي رستم (الطبعة الأولى: نيويورك 1919 عن منشورات كنوف، ناشرة جميع مؤلفات جبران خليل جبران بالإنجليزية). فما الجديد في هذا الكتاب؟

فضل آليس رافاييل على زاهي رستم في هذا الكتاب (90 صفحة) يتجاوز مجرد التعريف بالناقدة آليس رافاييل، بل يشمل تعريب مقالها النقدي المطول عن جبران، ونشر الرسوم العشرين مع عناوينها، وتقديم معلومات ضرورية في القسم الأول من الكتاب للدخول إلى عالم الكتاب.

ولدت آليس رافاييل في براونزفيل (ولاية تكساس) في 22 يونيو 1887، وتوفيت في منزلها يوم 27 أغسطس 1975. كانت باحثة ومترجمة أمريكية، درست الموسيقى في ألمانيا، وتابعت في زيورخ تخصص التحليل النفسي مع كارل يونغ. ثم درست أصول الرسم في واشنطن (كونيتيكت). ترجمت من الألمانية رائعة غوته "فاوست"، وأصدرتها في جزأين سنة 1932. أمضت بقية حياتها في مانهاتن (نيويورك)، وهناك تعرفت بجبران، ورسمها بالقلم الفحمي. هذه الرسمة غير متداولة، ويرجح جوزف جعجع، مدير متحف جبران في بشرّي، أنها قد تكون ضمن مقتنيات جبران في "متحف سُميَّة" في المكسيك. هذه المقتنيات، بعد وفاة جبران، انتقل معظمها إلى شقيقته مريانا، التي أودعتها لدى نسيبها النحات البوسطني خليل جبران، الذي سلمها لاحقًا إلى كارلوس سليم في المكسيك.

قبل الخوض في النص، يجب الإشارة إلى فضل زاهي رستم في إلقاء الضوء على عشر نوافذ قبل الدخول إلى نص آليس رافاييل. من بين هذه النوافذ العشر، سرده، بأسلوب الأديب المتمكن ومضمون العارف الخبير، عن دافعه النبيل لترجمة الكتاب: "إنصاف جبران الفنان – أو المصور كما كان يطلق على الرسام في ذلك الوقت- عربيًا، مثلما أنصفته المنشورات الإنجليزية في أمريكا، ومثلما جلته المنشورات العربية من الناحية الأدبية، ليستفيد منه الدارسون والباحثون، بتسليط الضوء على موهبة جبران الفنية كرسام، وعلى تأثيره في الفن الأمريكي".

إنه دافع نبيل حقًا. فنادرًا ما صدر بالعربية عن جبران كتاب يدرس ريشته، مقارنة بمئات الكتب التي صدرت عنه ككاتب. ولعل أكمل ما صدر في هذا المجال التشكيلي هو كتاب حافظ متحف جبران سابقًا وهيب كيروز "عالم جبران الرسام – مدخل إلى أبعاده الفنية" (مطبعة الأرز، بيروت، 255 صفحة، سنة 1982).

معرض الـ "20 رسمًا"، كما يشرح زاهي رستم، لم يكن مجرد عرض للوحات، بل كان حدثًا ثقافيًا مثلثًا جمع بين الرسم (عرض 20 لوحة أصلية)، والشعر (قراءات من نصوص جبران، خصوصًا من كتاب "المجنون" الصادر قبل المعرض بسنة: 1919)، والموسيقى (عزف موسيقي مرافق مستوحى من لوحاته). جاء المعرض في ذروة حركة تعبيرية نيويوركية، وكان جبران بين أوائل الفنانين الشرقيين الذين قدموا فنًا يزاوج بين التصوف الشرقي والحداثة الغربية. ويرجح أن هدف المعرض كان تمويل مشاريع جبران الأدبية، إذ كان يعتمد على بيع لوحاته، قبل صدور "النبي" (1923) وما أتاه لاحقًا من مردود مبيعاته في طبعات متتالية.

بانتقال زاهي رستم إلى جبران الفنان، الذي لازمه منذ طفولته في بشرّي، فمدرسة "كوينسي" في بوسطن، فتخصصه بالرسم في باريس. ثم بسط مشاريع جبران الفنية، من "معبد الفن" إلى مجلة "الفنون السبعة" وغيرها، وتوقف ببعض التفصيل المفيد عند وصف "صومعة جبران" (الطابق الرابع، الشقة 40، من المبنى 51 في الشارع العاشر غربًا، حي غرينتْشْ، أسفل مانهاتن، نيويورك).

نص نادر: مقال "الفنون" ونفع زاهي رستم كثيرًا متتبعي جبران الرسام، بنشره مقالًا عن أحد معارض جبران، صدر في مجلة "الفنون" (السنة الثانية، العدد العاشر، آذار/مارس 1917).

بعد هذه المقدمات المضيئة التي استغرقت من الكتاب 36 صفحة زاخرة بالمعلومات الموثقة التي تدل على تحقيق أكاديمي ممتاز جاء به زاهي رستم، أدرج في 12 صفحة نص آليس رافاييل النقدي عن الــ "عشرين رسمًا".

الجزء الآخر من هذا المقال: نص آليس رافاييل بترجمة زاهي رستم

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: