السبت, 1 نوفمبر 2025 08:36 PM

محاكمة "لافارج" الفرنسية في باريس بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا وغرامة محتملة بـ 1.12 مليار يورو

محاكمة "لافارج" الفرنسية في باريس بتهمة تمويل الإرهاب في سوريا وغرامة محتملة بـ 1.12 مليار يورو

تنطلق في باريس خلال الأيام القادمة محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية وعدد من مسؤوليها السابقين بتهم تمويل منظمات إرهابية في سوريا، وعلى رأسها تنظيم الدولة وجبهة النصرة، بين عامي 2013 و2014. الهدف من ذلك، بحسب الادعاء، كان ضمان استمرار عمل مصنع الشركة للإسمنت شمال سوريا.

خلفية القضية: تعود القضية إلى نشاط شركة لافارج سيمنت سوريا، التابعة للمجموعة الفرنسية، التي استمرت في تشغيل مصنعها بمنطقة الجلابية شمال سوريا رغم تصاعد الحرب، بينما انسحبت معظم الشركات متعددة الجنسيات عام 2012. ورغم إجلاء موظفيها الأجانب، أبقت الشركة على العمال السوريين حتى سبتمبر/أيلول 2014، حين سيطر تنظيم الدولة على المصنع.

يشتبه المحققون في أن "لافارج" دفعت حوالي خمسة ملايين يورو لمجموعات مسلحة مصنفة "إرهابية" عبر وسطاء محليين، مقابل السماح باستمرار العمل وحماية المصنع.

المتهمون الرئيسيون: يمثل أمام المحكمة الجنائية في باريس كل من: برونو لافون، الرئيس التنفيذي السابق لشركة لافارج؛ خمسة مسؤولين سابقين في الإدارة التشغيلية والأمنية للشركة؛ وسيطان سوريان، أحدهما مطلوب بموجب مذكرة توقيف دولية. كما تحاكم الشركة الأم لافارج، التي استحوذت عليها مجموعة هولسيم السويسرية عام 2015.

الاتهامات الموجهة: تواجه "لافارج" ومسؤولوها السابقون اتهامات خطيرة، تشمل: تمويل منظمات إرهابية، عدم الامتثال للعقوبات المالية الدولية المفروضة على سوريا، والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية (في مسار قضائي منفصل قيد التحقيق).

في حال الإدانة، قد تصل الغرامة المفروضة على الشركة إلى 1.125 مليار يورو، مع احتمال فرض عقوبات أكبر إذا ثبت انتهاك الحظر المالي. بدأ المسار القضائي في فرنسا عام 2017 بعد تقارير صحفية وشكاوى من وزارة الاقتصاد الفرنسية وجمعيات مدنية و11 موظفًا سوريًا سابقًا، اتهموا الشركة بتمويل الإرهاب وتعريض حياتهم للخطر.

في موازاة ذلك، أطلقت مجموعة هولسيم بعد استحواذها على لافارج عام 2015 تحقيقًا داخليًا أوكل إلى مكتبي المحاماة الأمريكي "بايكر ماكنزي" والفرنسي "داروا"، وخلص إلى وجود انتهاكات لقواعد السلوك التجاري داخل الشركة الأم.

الإقرار بالذنب في الولايات المتحدة: في أكتوبر/تشرين الأول 2022، "أقرت شركة لافارج بالذنب" أمام القضاء الأمريكي، واعترفت بدفع ما يقارب ستة ملايين دولار لتنظيم الدولة وجبهة النصرة، ووافقت على تسوية مالية تضمنت غرامة قدرها 778 مليون دولار. في المقابل، نفى الرئيس التنفيذي السابق برونو لافون علمه بأي تحويلات مالية للمجموعات المسلحة، معتبرًا أن الإقرار الأمريكي بالذنب "لا يمثل اعترافًا حقيقيًا" وإنما خطوة لحماية مصالح الشركة الاقتصادية الكبرى.

أكد فريق الدفاع أن المحاكمة الفرنسية ستكشف ما وصفوه بـ"الجوانب المظلمة" للقضية، مثل دور أجهزة الاستخبارات الفرنسية التي كانت على تواصل مع مسؤولي الأمن في لافارج بشأن الوضع في شمال سوريا. ورغم ذلك، شدد قضاة التحقيق على أن تبادل المعلومات مع أجهزة الاستخبارات "لا يعني موافقة الدولة الفرنسية على تمويل الإرهاب".

انضم 241 طرفًا مدنيًا إلى الدعوى، من بينهم موظفون سوريون سابقون ومنظمات حقوقية، مثل منظمة "شيربا" لمكافحة الجريمة المالية. وقالت ممثلة المنظمة آنا كيفر إن هذه المحاكمة تمثل "فرصة تاريخية للسوريين للإدلاء بشهاداتهم حول معاناتهم، بما في ذلك عمليات الخطف والابتزاز والتهديد التي تعرضوا لها أثناء عملهم في المصنع". من المتوقع أن تستمر جلسات المحاكمة لأسابيع عدة، وسط اهتمام إعلامي ودبلوماسي واسع، لما تحمله من تداعيات سياسية واقتصادية وقانونية.

مشاركة المقال: