الإثنين, 3 نوفمبر 2025 04:54 AM

تحول تاريخي: سوريا تنضم إلى التحالف الدولي ضد داعش.. ما الدلالات؟

تحول تاريخي: سوريا تنضم إلى التحالف الدولي ضد داعش.. ما الدلالات؟

يبدو أن التحالف الدولي ضد تنظيم داعش على أعتاب مرحلة مفصلية، حيث أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، عن زيارة مرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن في العاشر من الشهر الجاري. وتهدف الزيارة إلى توقيع وثيقة رسمية مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعلن انضمام سوريا إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة منذ عام 2014.

خلال مؤتمر حوار المنامة في البحرين، أوضح باراك أن "الرئيس السوري سينضم إلى 88 دولة أخرى شريكة في التحالف الذي تشكل لمواجهة التنظيم الإرهابي إبان اجتياحه سوريا والعراق"، مؤكدًا أن "هذا الانضمام يمثل تحولًا كبيرًا لسوريا والمنطقة بأسرها".

من جهته، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في تصريحات متلفزة أن "الرئيس أحمد الشرع سيزور واشنطن في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري"، مشيرًا إلى أن "إعادة الإعمار ستكون محورًا رئيسيًا في مباحثاته مع الإدارة الأميركية"، ومشددًا على أن "سوريا تسعى إلى شراكة متوازنة مع واشنطن وعلاقات طبيعية مع جميع القوى الدولية".

ويرى مراقبون أن هذه الزيارة التاريخية تمثل بداية حقبة جديدة في العلاقات السورية–الأميركية بعد سنوات من القطيعة، حيث لم تستقبل واشنطن سابقًا أي رئيس سوري في زيارة رسمية. ومنذ توليه السلطة في كانون الأول/ ديسمبر 2024 عقب الإطاحة ببشار الأسد، عمل الشرع على إعادة تموضع بلاده سياسيًا ودبلوماسيًا، وفتح قنوات جديدة مع الغرب عبر بوابة مكافحة الإرهاب.

نشأة التحالف الدولي وتكوينه

تأسس التحالف الدولي ضد داعش في سبتمبر 2014 كرد فعل جماعي على توسع التنظيم الإرهابي في العراق وسوريا. ويضم التحالف اليوم 89 عضوًا من دول ومنظمات، مما يجعله أكبر تحالف دولي من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية. يعتمد التحالف استراتيجية تهدف إلى إلحاق هزيمة دائمة بداعش، وتفكيك شبكاته، وتجفيف مصادر تمويله، ومكافحة دعايته، ودعم الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرته.

تقود الولايات المتحدة التحالف من خلال قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب (CJTF–OIR)، التي تشرف على التنسيق العسكري والاستخباراتي بين الأعضاء، وتوفر التدريب والدعم اللوجستي للقوات المحلية الشريكة في سوريا والعراق.

التمويل والبرامج الإنمائية

لا يمتلك التحالف صندوقًا موحدًا، بل يعتمد على مساهمات الدول الأعضاء. ومن بين أبرز أدواته صندوق تمويل الاستقرار الفوري (FFIS) الذي أُنشئ في يونيو 2015 لدعم الحكومة العراقية في إعادة إعمار المناطق المحررة. نفذ الصندوق أكثر من 1000 مشروع في 28 موقعًا، شملت إصلاح البنى التحتية والخدمات الأساسية، وساهم في عودة أكثر من 3.2 مليون نازح إلى ديارهم.

علاقة التحالف الدولي بسوريا والقوات الشريكة (قسد وسوريا الحرة)

يعمل التحالف في سوريا ضمن إطار دولي وبالتنسيق مع السلطات المحلية لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة. وعلى مر السنوات الماضية، اعتمد التحالف على قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كشريك ميداني رئيسي في شمال وشرق البلاد، حيث تولت العمليات البرية الكبرى ضد داعش في الرقة ودير الزور، بدعم جوي ولوجستي من التحالف. قدم التحالف لقسد التدريب والمعدات والدعم اللوجستي والمساعدة في إزالة الألغام وتأمين المناطق المدنية، مما جعلها القوة المحلية الأكثر فاعلية في الحرب ضد التنظيم.

في المقابل، ينسق التحالف أيضًا مع قوات سوريا الحرة في قاعدة التنف الواقعة عند المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن. وتعتبر هذه القاعدة من أبرز النقاط العسكرية للتحالف داخل الأراضي السورية، حيث تعمل القوات الأميركية والبريطانية إلى جانب فصائل من الجيش السوري الحر، الذي انخرط في وزارة الدفاع وكان جزءًا من إعلان النصر، الذي رسم مرحلة ما بعد الأسد في البلاد، في مهام تدريبية وأمنية لمنع عودة خلايا داعش إلى البادية السورية، وتأمين خطوط الإمداد، ورصد التحركات عبر الحدود. هذا الوجود العسكري في التنف يُعتبر ركيزة استراتيجية للتحالف، إذ يشكّل حاجزًا جغرافيًا أمام تمدد التنظيم، وفي الوقت نفسه أداة مراقبة فعالة لأي أنشطة تهدد الاستقرار الإقليمي.

ومع انضمام سوريا المرتقب إلى التحالف، يُتوقع أن تُعاد هيكلة العلاقة بين قسد وقوات سوريا الحرة من جهة، ودمشق من جهة أخرى، عبر آليات تنسيق جديدة تضمن استمرار جهود مكافحة الإرهاب ضمن إطار وطني موحد تشرف عليه الحكومة السورية بالتعاون مع التحالف.

القواعد والانتشار العسكري

منذ عام 2014، أقام التحالف قواعد رئيسية في العراق وسوريا لدعم عملياته ضد التنظيم. في العراق تشمل القواعد عين الأسد وأربيل ومجمّع الاتحاد ببغداد، بينما تنتشر في سوريا قواعد في التنف والحسكة ودير الزور.

مشاركة المقال: