الإثنين, 3 نوفمبر 2025 07:26 AM

اكتشافات أثرية مهمة في اللاذقية: لقى من العصر البرونزي في تل السمهاني تكشف تاريخ الساحل السوري

اكتشافات أثرية مهمة في اللاذقية: لقى من العصر البرونزي في تل السمهاني تكشف تاريخ الساحل السوري

شبكة أخبار سوريا والعالم/ بدأت البعثة الأثرية الإيطالية-السورية المشتركة أعمالها في تل السمهاني، الواقع في قرية البصة جنوبي مدينة اللاذقية. يأتي هذا العمل في إطار التعاون العلمي بين المديرية العامة للآثار والمتاحف السورية وعدد من الجامعات الإيطالية، وعلى رأسها جامعة “بافيا”، وفقًا لتصريح مدير دائرة آثار ومتاحف اللاذقية، محمد ممدوح الحسن، لعنب بلدي.

أوضح مدير الآثار والمتاحف باللاذقية أن هدف البعثة هو دراسة تطور الاستيطان في الساحل السوري، خاصة في المنطقة المحيطة بمدينة “أوغاريت” الأثرية.

تهدف الأعمال أيضًا إلى إحياء موقع تل السمهاني وتأهيله ليصبح جزءًا من المشاريع الثقافية والسياحية المستقبلية، مع التركيز على إشراك المجتمع المحلي في جهود الحفاظ على التراث، وزيادة الوعي بأهمية المواقع الأثرية كذاكرة حية تعبر عن عمق التاريخ السوري وتنوعه الثقافي.

دلائل ولقى تعود إلى فترات مبكرة

كشفت الملاحظات الميدانية الأولية عن اكتشاف هياكل عظمية ومدفن ومعصرة عنب وقوارير أثرية في الموقع. ويجري حاليًا توثيق هذه الاكتشافات ودراستها من قبل الفريق العلمي المشترك الإيطالي-السوري.

تشير القراءة الأولية إلى وجود دلائل معمارية ولقى فخارية قد تعود إلى فترات مبكرة (العصر البرونزي)، مما يعزز فرضية أن تل السمهاني كان مركزًا ذا أهمية في محيط “أوغاريت” القديمة، بحسب الحسن.

العصر البرونزي هو فترة تاريخية تلت العصر الحجري، وتميزت باستخدام الإنسان للمعادن في صناعة الأدوات والأسلحة، وخاصة البرونز (سبيكة من النحاس والقصدير) نظرًا لصلابته.

امتد العصر البرونزي تقريبًا من 3300 ق.م إلى 1200 ق.م، وتزامن مع ظهور الكتابة البدائية وتطور الحضارات الحضرية في بعض المناطق.

استحداث مركز سوري لدراسة العظام

كشف مدير دائرة آثار ومتاحف اللاذقية، محمد ممدوح الحسن، في حديثه لعنب بلدي عن بدء مساعٍ لإنشاء مركز لدراسة العظام يتبع لدائرة آثار اللاذقية، ويخدم مختلف المحافظات السورية. يهدف المركز إلى دراسة واختبار العظام الإنسانية والحيوانية المكتشفة أثناء عمليات التنقيب، مشيرًا إلى أن هذه العظام كانت تُرسل إلى إيطاليا لدراستها لعدم توفر مثل هذه المخابر محليًا.

اعتبر الحسن أن هذا التعاون الأثري المشترك يمثل نموذجًا للتعاون الدولي البناء، ويسهم في إغناء المعرفة بتاريخ الساحل السوري ودوره الحضاري عبر العصور.

كما يعد خطوة مهمة نحو استئناف نشاط البعثات الدولية في سوريا، بعد سنوات من التوقف، وهو ما يحمل دلالات إيجابية على صعيد عودة التعاون الأكاديمي والثقافي مع المؤسسات العلمية العالمية، ويؤكد استقرار الوضع الميداني وعودة البلاد إلى خارطة البحث الأثري الدولية، بحسب مدير دائرة الآثار والمتاحف باللاذقية.

بناء قاعدة بيانات للباحثين والمهتمين

تركز أعمال البعثة الإيطالية، بحسب الحسن، على الكشف عن الطبقات الأثرية في الموقع، ودراسة طبيعة النشاط الإنساني فيه خلال العصر البرونزي، مع إجراء تحاليل علمية للقى المكتشفة لفهم العلاقات الاقتصادية والثقافية التي ربطت الموقع بالمراكز القريبة وعلى رأسها مدينة “أوغاريت”.

تشمل الأعمال أيضًا توثيق الموقع وتقييم حالته الأثرية بدقة، من خلال جمع المعلومات والخرائط والصور والدراسات السابقة، بما يتيح بناء قاعدة بيانات شاملة تساعد الباحثين والمهتمين بتاريخ المنطقة الساحلية السورية.

موقع تل السمهاني من التلال الأثرية المهمة في الساحل السوري، ويقع على بعد نحو خمسة كيلومترات جنوب مدينة اللاذقية، كما أنه قريب من أحد فروع نهر الكبير الشمالي.

يضم الموقع الأثري طبقات أثرية تعود إلى فترات متعددة من التاريخ، أبرزها العصر البرونزي والبيزنطي، مما يعكس الأهمية التاريخية والحضارية للموقع كمركز استيطاني متواصل عبر آلاف السنين.

وفقًا للمعطيات الأولية، فإن الموقع كان مأهولًا منذ الألف الثاني قبل الميلاد، ويتوقع أن تسهم نتائج التنقيب في رسم تسلسل زمني دقيق لمراحل السكن فيه وتوضيح دوره ضمن شبكة المراكز التابعة لـ”أوغاريت”.

تمديد أعمال البعثة

تستمر أعمال البعثة حتى نهاية الموسم الحالي، في 15 من تشرين الثاني الحالي، بحسب مدير الآثار والمتاحف، لكن الجانب الإيطالي أكد استمرار الأعمال العام المقبل، بعد أن كان مقررًا أن تكون أعمال التنقيب لهذا الموسم هي الأخيرة.

يؤكد هذا المشروع المشترك متانة العلاقات الثقافية بين سوريا وإيطاليا، والتزام الجانبين بتطوير البحث الأكاديمي وتبادل الخبرات في مجال علم الآثار.

كما يجسد التعاون المستمر بين الهيئات العلمية في البلدين نموذجًا راقيًا للتفاعل الإنساني القائم على المعرفة، ويعكس الإيمان بأهمية حماية التراث بوصفه إرثًا إنسانيًا عالميًا يتجاوز الحدود.

وسبق أن أعلنت المديرية العامة للآثار والمتاحف ترحيبها وفتح أبوابها أمام البعثات الأثرية التي كانت تعمل في سوريا، وذلك بعد سقوط النظام السابق.

ودعت المديرية في بيان لها كل من يستطيع إلى مد يد العون، وإعادة تفعيل العمل الأثري في المواقع الأثرية، بما يسهم في صون وحفظ التراث الذي هو ملك للبشرية جمعاء لتتوارثه الأجيال القادمة.

ولفتت إلى أنها “تنتهز الفرصة” لتؤكد أهمية تضافر جميع الجهود في سبيل حماية وحفظ التراث السوري، الذي يمثل الهوية الجامعة لكل السوريين بمختلف أطيافهم.

وذكرت “الآثار والمتاحف” أن المرحلة مهمة وحساسة لاستعادة التراث الثقافي السوري، وهذا يتطلب من كل السوريين وكذلك من المجتمع المحلي والدولي اجتماعهم على هدف واحد يتمثل في حماية هذا التراث، ووضع رؤية مستقبلية بمشاركة الجميع لإعادة الألق والتعافي له.

عنب بلدي

مشاركة المقال: