الإثنين, 3 نوفمبر 2025 02:38 PM

تقرير يكشف: صعود صناع المحتوى وتراجع الإعلام التقليدي.. هل يستطيع الإعلام التقليدي المواجهة؟

تقرير يكشف: صعود صناع المحتوى وتراجع الإعلام التقليدي.. هل يستطيع الإعلام التقليدي المواجهة؟

علي عيد يدعونا لقراءة الأرقام ومقارنتها لفهم اتجاه الإعلام في مواجهة صناع المحتوى والمؤثرين في سوريا والعالم العربي والعالم عمومًا، وذلك لفهم التوجهات ومزاج الجمهور.

قبل قراءة الأرقام، نستعرض تقرير "رسم خريطة صنّاع الأخبار والمؤثرين في الشبكات الاجتماعية والمرئية" الصادر عن معهد "رويترز لدراسة الصحافة- جامعة أكسفورد" (2025)، الذي يظهر تحولًا جذريًا في استهلاك الجمهور للأخبار والمعلومات. يشير التقرير إلى أن الشخصيات الرقمية، وليست المؤسسات الصحفية، أصبحت المصدر الرئيس للأخبار في كثير من المجتمعات، خاصة بين الشباب.

تضمن التقرير بيانات مسح الأخبار الرقمية وأنماط التفاعل عبر منصات مثل: "يوتيوب"، "تيك توك"، "إنستجرام"، "إكس" (تويتر سابقًا)، "فيسبوك"، لعامي 2024 و2025، وشملت 24 دولة عبر خمس قارات، وحللت أكثر من 40 ألف اسم من صناع المحتوى والمؤسسات. تشير الأرقام إلى تفوق وانتشار صناع المحتوى مقارنة بوسائل الإعلام التقليدية، ومن بينهم تاكر كارلسون في القطاع الإخباري المباشر (The News)، وجوني هاريس (الولايات المتحدة)، ومعتز عزايزة، الذي أصبح رمزًا دوليًا في توثيق الحرب على غزة عبر "إنستجرام".

في مجالات أخرى، يظهر فابريتسيو رومانو (25 مليون متابع على "إكس")، بتغطيته لأخبار انتقالات كرة القدم عالميًا. أما الفئة القريبة من الأخبار (News-Adjacent)، التي تقدم محتوى يمزج الترفيه بالأخبار، فبرزت فيها أسماء أخرى تعالج مجالات الترفيه المعلوماتي والألعاب والموسيقا وأسلوب الحياة والدين، وتؤثر في النقاش العام والسياسي بسبب حجم جمهورها وثقته بالمؤثرين.

في سوريا، ظهرت أسماء مؤثرة في غير قطاع الأخبار خارج الإطار المحلي، مثل:

  • نارين عمارة (الأزياء ومستحضرات التجميل): 16.5 مليون مشترك على "يوتيوب".
  • هيلا غزال (محتوى حول تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين): 10 ملايين مشترك على "يوتيوب".

وفي محتوى يمزج الأخبار بالحياة العامة، يظهر فيصل قاسم، مع 13 مليون متابع على "فيسبوك".

على المستوى المحلي، يمكن ملاحظة تأثير أشخاص على وسائل التواصل، مثال ذلك في "فيسبوك":

  • جميل الحسن: 4 ملايين متابع.
  • سمير متيني: 1.9 مليون متابع.
  • موسى العمر: 1.5 مليون متابع.

تتضح أهمية هذه الأرقام عند مقارنتها بوسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي تصرف عليها مبالغ طائلة، مثل:

  • تلفزيون سوريا (قطاع خاص): 10 ملايين متابع على "فيسبوك".
  • قناة الإخبارية السورية (قطاع حكومي): 2.6 مليون متابع على "فيسبوك".
  • الوكالة العربية السورية للأنباء- سانا (قطاع حكومي): 840 ألف متابع.

تقود الأرقام والمقارنات على المستوى المحلي إلى نتائج تقرير معهد "رويترز لدراسة الصحافة- جامعة أكسفورد"، وأهمها: التحوّل من المؤسسات إلى الأفراد: ما بين 20 و40% من مستخدمي وسائل التواصل في العالم يتلقّون أخبارهم من مؤثرين أو صناع محتوى، وليس من مؤسسات إعلامية. ويرى التقرير أن هذا التحول يرتبط بانخفاض الثقة في الإعلام التقليدي، وتفضيل الجمهور الأصوات الشخصية واللغة المباشرة على الخطاب المهني الرسمي، وأن المؤثرين نجحوا في بناء ما يسميه الباحث نِك نيومان "رأسمال الثقة الفردية".

المنصات المهيمنة:

  • "يوتيوب": المنصة المركزية للأخبار الرقمية في العالم.
  • "تيك توك" و"إنستجرام": تزداد أهميتهما لدى الفئة الشابة.
  • "فيسبوك": تحتفظ بدور مهم في إفريقيا وآسيا.
  • "إكس" (تويتر): المنصة الأهم للمحتوى السياسي والنخبوي.

ما ورد في تقرير معهد "رويترز لدراسة الصحافة- جامعة أكسفورد" يقود إلى خلاصات منها:

  • صناعة الأخبار لم تعد حكرًا على المؤسسات، بل بات يقودها الأفراد.
  • المعايير المهنية تلقى منافسة من قبل المصداقية الشخصية.
  • لا حدود بين الخبر والترفيه والسياسة والدين، والأفراد الذين يقدمون محتوى ترفيهيًا يمكنهم أن يلعبوا دورًا في الانتخابات.
  • الإعلام التقليدي بات عاجزًا عن مواكبة ديناميات المنصات.
  • سوريا والعالم العربي ليسا في منأى، بل يدخلان هذه المرحلة سريعًا.

ما سبق يستدعي سياسات تربوية وتشريعية جديدة تعيد تعريف الإعلام والمواطنة الرقمية، وينبغي الاعتراف محليًا بأن المستقبل له أدواته غير التقليدية.

مشاركة المقال: