مع اقتراب فصل الشتاء، تواجه مئات العائلات النازحة في ريف الرقة ظروفًا معيشية قاسية داخل المخيمات العشوائية المنتشرة حول المدينة وريفها. تتفاقم التحديات المتعلقة بتأمين المأوى والوقود ووسائل التدفئة، في ظل ضعف الدعم المنتظم من المنظمات الإنسانية.
أُنشئت معظم هذه المخيمات بشكل مؤقت خلال السنوات الماضية، لكنها سرعان ما تحولت إلى تجمعات سكانية دائمة، يسكنها آلاف الأشخاص الذين لم يتمكنوا من العودة إلى مناطقهم الأصلية بسبب الدمار أو غياب الخدمات الأساسية. وتُظهر الخيام المهترئة في مناطق مثل الريف الشرقي والغربي، مدى هشاشة الأوضاع الإنسانية، حيث لم تعد قادرة على مقاومة الرياح أو تسرب مياه الأمطار.
أحد سكان مخيم بريف الرقة الغربي، والذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، يقول إن "الخيام الحالية غير صالحة للسكن، ومعظمها لم يُستبدل منذ أكثر من ثلاث سنوات". ويضيف أن "العائلات تحاول إصلاحها بوسائل بدائية باستخدام الأغطية البلاستيكية والبطانيات القديمة لتقليل تسرب المياه".
ويشير إلى أن "غياب المازوت المخصص للتدفئة يزيد الوضع سوءًا، مما يضطر بعض الأهالي إلى استخدام مواد غير آمنة كالبلاستيك أو الورق أو بقايا الأخشاب"، وهو ما يتسبب في انبعاث روائح ضارة ومخاطر صحية، خاصة على الأطفال وكبار السن.
وبحسب ناشطين محليين، يعتمد معظم سكان هذه المخيمات على مساعدات محدودة تأتي على فترات متباعدة، بينما تعاني بعض المواقع من غياب شبه كامل للمنظمات الإغاثية.
ويؤكد أحد العاملين في المنظمات الإنسانية، في تصريح لـ"سوريا 24"، أن "الاحتياجات في مخيمات الرقة تتجاوز القدرة الحالية للمنظمات المحلية، خاصة في ظل ضعف التمويل الدولي وتراجع الاستجابة الإنسانية العامة في سوريا خلال العام الجاري". وأوضح أن "الشتاء يشكل تحديًا سنويًا كبيرًا للنازحين، لكن هذا العام يبدو أكثر قسوة بسبب ارتفاع أسعار الوقود وندرة الموارد، ما يتطلب تدخلًا عاجلًا قبل تفاقم المعاناة".
ويدعو ناشطون وجهات محلية إلى اعتماد خطة طوارئ إنسانية لتأمين المستلزمات الأساسية للنازحين في ريف الرقة، تتضمن توزيع مواد التدفئة والخيام الجديدة والعوازل الأرضية، إلى جانب تحسين خدمات الصرف الصحي والمياه.
كما يشددون على ضرورة تنسيق الجهود بين السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية لضمان وصول المساعدات إلى أكثر المواقع احتياجًا، مع دراسة إمكانية نقل بعض العائلات من المخيمات العشوائية إلى مراكز إيواء أكثر تجهيزًا خلال الأشهر الباردة المقبلة.
ويُشار إلى أن استمرار ضعف الاستجابة الإغاثية، بالتزامن مع الظروف المناخية القاسية، قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة في حال لم تُتخذ إجراءات عاجلة، خصوصًا أن أغلب سكان هذه المخيمات من النساء والأطفال.