يعيش آلاف السكان في بلدات القلمون الغربي بريف دمشق أزمة صحية متفاقمة، وذلك بسبب غياب المشافي العامة والمراكز الطبية المجهزة، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في تكاليف العلاج في العيادات الخاصة، ما يفوق قدرة معظم الأهالي.
في بلدة رنكوس، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 25 ألف نسمة، يواجه المرضى، وخاصة المصابين بأمراض الكلى والسكري والضغط وأمراض القلب، صعوبات جمة في الحصول على الرعاية الصحية اللازمة. ويعود ذلك لبعد المسافة بين البلدة والمشافي، بالإضافة إلى افتقار المركز الصحي الوحيد في رنكوس للتجهيزات الطبية والأدوية والخدمات التخصصية.
أحد أبناء البلدة صرح لـ"سوريا 24" قائلاً: "في الحالات الإسعافية، يصبح الوضع مأساوياً. أقرب مشفى يبعد أكثر من 30 كيلومتراً، وإذا تأخرنا في نقل المريض لأي سبب، قد نفقد حياته في الطريق. لا توجد سيارات إسعاف مجهزة، ولا مركز طوارئ يمكن الاعتماد عليه".
وتعاني بلدات أخرى مجاورة، مثل تلفيتا وعسال الورد وحوش عرب، من وضع صحي مماثل. فالمراكز الصحية المتوفرة فيها محدودة الخدمات، وتفتقر إلى الأطباء المتخصصين والأجهزة الأساسية، مثل أجهزة التصوير والشواغر اللازمة لغسيل الكلى، بالإضافة إلى النقص الحاد في الأدوية.
ويضيف أحد الأهالي من بلدة تلفيتا: "حتى معاينة الطبيب في العيادات الخاصة أصبحت عبئاً. تكلفة المعاينة تجاوزت 50 ألف ليرة، هذا بالإضافة إلى ثمن الدواء والتنقل، ما يجعل المرض عبئاً مادياً لا يطاق لكثير من العائلات".
ويقول أحد أبناء البلدة: "نسعى منذ خمس سنوات لتأمين مركز خيري لخدمة الناس، ولكن نقص الدعم والإمكانيات حال دون تحقيق الهدف. ومع ذلك، لن نيأس، وسنواصل العمل حتى نعيد بناء المشفى ونحقق حلم مركز الكلى وعيادة رنكوس المجانية".
وفي السياق ذاته، أكد الناشط الإعلامي ثائر القلموني أن بلدات القلمون تعاني من ضعف كبير في الخدمات الصحية، مشيراً إلى أن المنطقة "بحاجة ماسة لدعم طبي أكبر بكثير مما هو متوفر حالياً".
وأوضح القلموني في حديثه لـ"سوريا 24" أن "بعض بلدتي عسال الورد وحوش عرب تمتلكان مستوصفات، لكنها غير مخدمة بالشكل الكافي، في حين تفتقر قرى الصرخة ورأس العين والجبة لأي مركز طبي على الإطلاق"، مشيراً إلى أن الأهالي في هذه المناطق يضطرون للتوجه إلى مدينة يبرود لتلقي العلاج.
وأضاف أن "مدينة يبرود تضم أكثر من مركز طبي ومشفى، إلا أنها تعاني أيضاً من ضغط كبير نتيجة استقبالها المرضى من مختلف بلدات القلمون، وهو ما أدى إلى نقص في الخدمات والمعدات الطبية".
وختم القلموني بالقول إن "الكوادر العاملة في المراكز الطبية تعاني من تدني الأجور مقارنة بالوضع المعيشي الحالي، ما يزيد من صعوبة استمرار عمل هذه المرافق في ظل الظروف الراهنة".
ويؤكد الأهالي أن تزويد مناطق القلمون، وخاصة رنكوس وتلفيتا وعسال الورد وحوش عرب ورأس العين والصرخة، بمشافٍ عامة ومراكز طبية مجهزة بات ضرورة عاجلة، مشددين على أن "الحق في العلاج لا يقل أهمية عن الحق في الحياة"، وأن تجاهل احتياجات هذه المناطق المكتظة سيزيد من معاناة المرضى ويهدد أرواحهم في كل حالة طارئة.