الثلاثاء, 4 نوفمبر 2025 08:39 PM

زيارة الشرع إلى واشنطن: هل تفتح صفحة جديدة لسوريا إقليمياً ودولياً؟

زيارة الشرع إلى واشنطن: هل تفتح صفحة جديدة لسوريا إقليمياً ودولياً؟

يرى الأكاديمي والمحلل السياسي عصمت العبسي أن زيارة الرئيس أحمد الشرع المرتقبة إلى واشنطن خلال هذا الشهر تحمل أهمية استراتيجية كبيرة، وقد تمثل نقطة تحول حاسمة في عدة ملفات، بما في ذلك ملفات الجنوب السوري، والمفاوضات مع "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، والأوضاع في السويداء، بالإضافة إلى قضية العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا.

وفي تصريح لجريدة "الوطن"، أوضح العبسي أن هذه الزيارة، التي تعتبر الأولى من نوعها لرئيس سوري إلى البيت الأبيض منذ عقود، تعكس اعترافاً أمريكياً بشرعية الحكومة الانتقالية بعد سقوط نظام الأسد. كما أن توقيع اتفاق انضمام سوريا إلى "التحالف الدولي" ضد تنظيم داعش يضع دمشق في موقع الشريك الأمني للولايات المتحدة، ويعزز فرص التعاون العسكري والاستخباراتي بينهما. وأشار إلى أن الزيارة قد تمهد لجولة خامسة من المفاوضات السورية-الإسرائيلية بوساطة أمريكية، بهدف التوصل إلى اتفاق أمني شامل حول الحدود الجنوبية.

وحول الانعكاسات المحتملة للزيارة على الجنوب السوري، توقع العبسي أن تسهم في الحد من التوغلات الإسرائيلية. وأوضح أنه في حال نجاح المفاوضات الأمنية بين دمشق وتل أبيب، قد يتم التوصل إلى تفاهمات تقلل من الغارات الإسرائيلية على مواقع في محافظتي درعا والقنيطرة، وتحسين الأوضاع الإنسانية والأمنية في تلك المناطق، وذلك من خلال آليات مراقبة دولية أو تفاهمات لوقف إطلاق النار.

ويرى العبسي أيضاً أن الزيارة يمكن أن تعزز موقف الحكومة السورية التفاوضي مع "قسد"، حيث أن الانفتاح على واشنطن يضعف أوراق الضغط لدى "قسد" التي تعتمد على الدعم الأمريكي، ويدفعها للقبول بتنازلات في إطار اتفاق العاشر من آذار. وأضاف أن الزيارة قد تسرع تنفيذ بنود اتفاق العاشر من آذار، وخاصة ما يتعلق بإعادة انتشار القوات، وتوحيد الإدارة المحلية، ودمج بعض التشكيلات العسكرية التابعة لـ "قسد" ضمن الجيش السوري، في حال حصلت دمشق على ضمانات أمريكية.

وأشار العبسي إلى أنه في حال انضمام سوريا إلى "التحالف الدولي" ضد تنظيم داعش، فإن ذلك قد يؤدي إلى إعادة صياغة التوازنات في شرق الفرات، وإعادة هيكلة الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، ما يفرض واقعاً جديداً على الأرض. ويرى أن الزيارة تشكل رسالة ضغط غير مباشرة إلى "قسد"، مفادها أن دمشق باتت قادرة على التفاوض مع واشنطن مباشرة، ما قد يدفع "قسد" إلى مراجعة مواقفها السابقة.

وبعدما أشار العبسي إلى تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات عن سوريا خلال لقائه الرئيس الشرع في الرياض في أيار الماضي، رأى أن الزيارة قد تسرّع في إصدار قرار تنفيذي برفع العقوبات تدريجياً، وخاصة إذا تم توقيع الاتفاق الأمني وانخرطت سوريا في جهود مكافحة الإرهاب. ويمكن للزيارة أن تفتح الباب أمام الاستثمارات الدولية، حيث أن رفع العقوبات سيشجع الشركات الأميركية والأوروبية على دخول السوق السورية، ما يعزز فرص التعافي الاقتصادي.

ولفت إلى أن الزيارة تأتي في ظل تحركات دبلوماسية متسارعة لإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي بعد مشاركتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقاء سابق بين الرئيس الشرع وترامب في الرياض. وذكر أن رفع العقوبات الأميركية بات مطروحاً ضمن أجندة الزيارة، ما قد يفتح الباب أمام مشاريع إعادة الإعمار، ويمنح دمشق أدوات إضافية في التفاوض مع الأطراف الداخلية والخارجية.

وختم الأكاديمي والمحلل السياسي عصمت العبسي بالقول: إن زيارة الشرع إلى واشنطن ليست مجرد لقاء دبلوماسي، بل هي محطة مفصلية لإعادة تموضع سوريا إقليمياً ودولياً، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار الداخلي والانفتاح الخارجي.

مشاركة المقال: