بدأت في فرنسا اليوم محاكمة شركة "لافارج" الفرنسية، المتخصصة في صناعة الإسمنت، بتهمة تمويل جماعات متطرفة، بما في ذلك تنظيم "داعش"، في "سوريا". وتهدف الشركة، بحسب الاتهامات، إلى ضمان استمرار عمل مصنعها في ريف "حلب" خلال عام 2014.
تُعد هذه المحاكمة الأولى من نوعها في فرنسا لشركة تواجه اتهامات بتمويل الإرهاب. سيمثل أمام المحكمة، حتى 16 كانون الأول المقبل، كل من الشركة و8 متهمين آخرين. يواجه عدد من المتهمين اتهامات بخرق العقوبات الاقتصادية الدولية.
وذكرت وكالة الأنباء أن شركة "لافارج"، التي استحوذت عليها مجموعة "هولسيم" السويسرية في عام 2015، ستمثل أمام القضاء، بالإضافة إلى رئيسها التنفيذي السابق "برونو لافون" ومسؤولين من الأقسام التشغيلية والأمنية، إلى جانب وسيطين سوريين، أحدهما مطلوب بمذكرة توقيف دولية.
تتهم الشركة بدفع 5 ملايين يورو لجماعات مصنفة على قوائم الإرهاب، بما في ذلك "داعش" و"جبهة النصرة"، التي كانت مرتبطة بتنظيم القاعدة في ذلك الوقت. ويشتبه في أن الشركة دفعت هذه الأموال لوسطاء لتأمين سلامة مصنعها الذي كان يقع في قرية "الجلبية" بمنطقة "عين العرب/كوباني" شمال "حلب".
لم توقف الشركة عملها في "سوريا" بعد عام 2011، واكتفت بإجلاء موظفيها الأجانب، مع الإبقاء على عمالها وموظفيها السوريين حتى عام 2014. واستخدمت وسطاء لتأمين المواد الأولية اللازمة لتشغيل المصنع والعمال والمنتجات من مناطق سيطرة "داعش" آنذاك ومجموعات متشددة أخرى.
في دعوى قضائية منفصلة أقيمت في "الولايات المتحدة"، اعترفت شركة "لافارج" الفرنسية في عام 2022 بأنها دفعت 6 ملايين دولار لـ "داعش" و"جبهة النصرة" مقابل السماح بمرور الموظفين والعملاء والموردين عبر نقاط التفتيش.
وقد توصلت الشركة إلى اتفاق مع السلطات الأمريكية لتخفيف العقوبة، دفعت بموجبه غرامات وأصول مصادرة بقيمة 778 مليون دولار.
بدأت التحقيقات في القضية في عام 2017. وفي حال إدانتها بتمويل الإرهاب، قد تواجه الشركة غرامة تصل إلى مليار و125 مليون يورو. وستكون الغرامة أكبر في حال الإدانة بخرق الحظر المالي على سوريا.
ويقول محامي الدفاع عن الرئيس التنفيذي السابق للشركة، "برونو لافون"، إن موكله لم يكن على دراية بدفع مبالغ لجماعات متشددة، مضيفاً أن المحاكمة الجارية حالياً قد تسلط الضوء على جوانب مهمة، بما في ذلك دور المخابرات الفرنسية. بينما يقول قضاة التحقيق إن علم المخابرات الفرنسية بما كانت تفعله "لافارج" لا يعني إطلاقاً موافقة الدولة الفرنسية على تمويل جماعات مصنفة إرهابية.
يُشار إلى أن مصنع "لافارج" شمال "حلب" بدأ نشاطه في عام 2010، قبل أشهر فقط من اندلاع الثورة السورية في آذار 2011.