الثلاثاء, 11 نوفمبر 2025 10:48 PM

منطقة اللاذقية: برج إسلام تتحول من منطقة عسكرية مغلقة إلى وجهة سياحية جاذبة

منطقة اللاذقية: برج إسلام تتحول من منطقة عسكرية مغلقة إلى وجهة سياحية جاذبة

على بعد حوالي 20 كيلومترًا شمال مدينة اللاذقية، تقع منطقة برج إسلام في صليب التركمان، بمحاذاة الساحل السوري الخلاب. هذا الموقع، حيث يلتقي البحر بالجبل، يقدم مشهدًا طبيعيًا فريدًا يجمع بين الخضرة والزرقة. على الرغم من هذا الجمال الآسر، ظلت المنطقة لعقود طويلة مغلقة أمام سكانها الأصليين. النظام السابق حوّل هذه المنطقة إلى منطقة أمنية محظورة بحجة "الاعتبارات العسكرية"، وذلك بسبب وجود قصر الفار بشار الأسد على شاطئ برج إسلام، مما منع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم وممارسة حياتهم الطبيعية.

اليوم، وبعد التحرير، فُتحت هذه القرى من جديد أمام سكانها وزوارها، لتصبح رمزًا للعودة والحرية، بعد أكثر من عقد من العزلة والحرمان.

الموقع والتركيبة السكانية

تتبع برج إسلام إداريًا لناحية عين البيضاء في محافظة اللاذقية. وفقًا لبيانات التعداد الرسمي لعام 2004، بلغ عدد سكانها 5652 نسمة، غالبيتهم من التركمان الذين يعتمدون على الزراعة والصيد كمصدر رزق أساسي. تحتل المنطقة موقعًا استراتيجيًا حساسًا على الساحل الشمالي السوري، وتشرف على شريط بحري يمتد حتى الحدود التركية، مما جعلها موضع اهتمام أمني خاص منذ سبعينيات القرن الماضي.

التحرير وعودة الحياة إلى الشاطئ

مع سقوط النظام السابق، تغير المشهد بشكل جذري. الطرق التي كانت مغلقة لسنوات طويلة فُتحت مجددًا، وبدأ الأهالي في العودة التدريجية إلى منازلهم وأراضيهم، وتحولت المنطقة إلى وجهة سياحية متنامية تستقبل الزوار من مختلف المحافظات.

على الشاطئ، وفي جولة لموفد سوريا 24، تم تسجيل عدد من شهادات الأهالي الذين عاشوا مرحلتي المنع والعودة. أبو محمد من صليب التركمان يقف اليوم بالقرب من القصر الجمهوري السابق وهو يصطاد السمك، ويتحدث بابتسامة تعبر عن مفارقة الماضي والحاضر، قائلاً: "كنا محرومين من المجيء إلى هنا، البحر أمامنا ولكننا لا نستطيع الاقتراب منه.. اليوم نصطاد بحرية، وهذه أكبر نعمة بعد التحرير".

على بعد أمتار، تقف أم علي فهيمة جوخدار بالقرب من تنورها الطيني الذي افتتحته بعد سنوات المنع، وتقول وهي تخرج الخبز الساخن: "كنا نأتي فقط في موسم الزيتون بتصريح، ثم نغادر.. بعد التحرير فتحت التنور، وصار الناس يأتون من كل مكان".

بعد سقوط النظام البائد، أصبحت المنطقة وجهة مفضلة للزائرين من المحافظات السورية والسياح العرب. فاطمة طحان، الزائرة من حلب، تعبر عن دهشتها بجمال المكان قائلة: "الهواء هنا نقي والمياه فيروزية.. لا أصدق أن هذه المنطقة كانت مغلقة كل هذه السنوات".

وفي السياق نفسه، تصف آيات مصطفى القادمة من الجولان المكان بعبارة لافتة: "تشبه جزر المالديف… شاطئ لم تطأه قدم منذ زمن طويل".

بينما يضيف إبراهيم طيباس، الزائر من الغوطة الشرقية: "كنا نسمع عن برج إسلام كمنطقة محرمة، واليوم نراها بأعيننا.. الحمد لله على هذه الحرية".

ومن بين الزوار العرب، يبدي خالد المتعب، المستثمر السعودي، إعجابه بالمكان قائلاً: "زرت المكان ضمن جولة استثمارية، وصراحة لم أكن أتوقع هذا الجمال. البيئة هنا نظيفة والهدوء مدهش، تصلح للسياحة والاستثمار".

هكذا تستعيد برج إسلام وصليب التركمان أنفاسهما بعد عقود من التعتيم والمنع، لتتحول من شريط أمني مغلق يحتكره بشار الهارب ورجالاته إلى مساحة تنبض بالحياة والحرية.

مشاركة المقال: