في خطوة تعكس الثقة المتجددة من المستثمرين الخليجيين بالاقتصاد المصري، تم في القاهرة توقيع اتفاقية شراكة استثمارية كبيرة بين الحكومة المصرية، ممثلة بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وشركة "الديار" القطرية، من خلال وزارة البلدية القطرية، لتطوير منطقة «سملا وعلم الروم» في محافظة مطروح على الساحل الشمالي الغربي.
تجسد هذه الاتفاقية التوجه المصري نحو تعزيز شراكات عربية استراتيجية طويلة الأجل، وذلك استكمالاً للاتفاق السابق بين مصر وشركة «القابضة» الإماراتية لتطوير منطقة رأس الحكمة، بهدف دعم التنمية المستدامة وتعزيز الاقتصاد الوطني.
يهدف المشروع المصري القطري، وفقًا لمجلس الوزراء المصري، إلى إنشاء مجتمع عمراني وسياحي عالمي المستوى، ليكون وجهة إقليمية ودولية متكاملة تجمع بين السياحة الفاخرة والإقامة المستدامة والخدمات التجارية والترفيهية.
من المخطط تنفيذ المشروع على مساحة تقارب 4900.99 فدان (أي ما يزيد على 20.5 مليون متر مربع) في منطقتي سملا وعلم الروم. يشمل المشروع إقامة مجمعات وأحياء سكنية فاخرة، ومشاريع فندقية وسياحية ضخمة، وبحيرات صناعية وملاعب غولف، بالإضافة إلى مارينا سياحي دولي يعزز مكانة الساحل الشمالي كوجهة عالمية للسياحة المتميزة.
أفاد وزير البلدية القطري، عبد الله العطية، بأن القيمة الاستثمارية للمشروع تصل إلى حوالي 29.7 مليار دولار أمريكي، مع توقعات بتوفير أكثر من 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
أكد رئيس الوزراء المصري، الدكتور مصطفى مدبولي، أن المشروع يحقق عوائد ملموسة للدولة، حيث ستحصل مصر على مقابل نقدي مباشر من المستثمر بقيمة 3.5 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي، بالإضافة إلى مقابل عيني يتمثل في مساحة بنائية من المكون السكني في المشروع، وحصة من الأرباح لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة تعادل 15 بالمئة من صافي الأرباح.
وأضاف مدبولي أن هذه الصفقة تعتبر من أكبر الاستثمارات القطرية على مستوى العالم، وتأتي في إطار رؤية مصر 2030، التي تضع تنمية الساحل الشمالي وقطاع السياحة في مقدمة الأولويات التنموية، وتحويل المناطق الساحلية إلى محركات رئيسية للنمو الاقتصادي، بهدف تحقيق أهداف المخطط القومي للتنمية العمرانية المتمثل في أن يصبح الساحل الشمالي المصري قادرًا على استيعاب أكثر من 17 مليون نسمة وسائح.
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور سيد خضر لـ"النهار" أن هذه الصفقة تمثل خطوة نوعية تعزز التعاون السياسي والاقتصادي بين مصر وقطر في المرحلة المقبلة.
وأضاف أن هذا الاتفاق يؤسس لشراكات استراتيجية طويلة الأمد تخلق فرص عمل، وتحفز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، مما يعكس ثقة متزايدة في أداء الاقتصاد المصري.
وأشار إلى أن هذا المشروع الضخم لا يقتصر على كونه استثمارًا عقاريًا فحسب، بل يمثل منصة استراتيجية لتعزيز التعاون العربي في التنمية المشتركة، ويعكس ثقة رؤوس الأموال الخليجية بالإصلاحات الاقتصادية المصرية، وقدرتها على توفير بيئة استثمارية مستقرة وجاذبة على المدى الطويل.
مع تزايد اهتمام المستثمرين بالساحل الشمالي كوجهة سياحية جديدة على البحر المتوسط، تمثل الشراكة المصرية القطرية في علم الروم نموذجًا متقدمًا للتعاون العربي في التنمية العمرانية والسياحية، حيث لا يقتصر المشروع على أعمال التطوير فحسب، بل يضع مصر في موقع متقدم على الخريطة العالمية للاستثمار في السياحة والعقارات، ويفتح آفاقًا جديدة لشراكات إقليمية تقوم على الثقة والمصالح المشتركة.