بينما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن عودة أكثر من 1.29 مليون سوري إلى بلادهم منذ عام 2016، تتصاعد مطالبات السوريين المقيمين في تركيا بالسماح لهم بزيارة سوريا، بعد سنوات من الانقطاع والحرمان من لقاء الأهل والأقارب، على الرغم من انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق.
في تصريحات حديثة، صرح أردوغان: "لن نطرد اللاجئين ولن نستطيع ذلك. لقد أوفينا بوعدنا حتى النهاية وسنفعل ذلك مجددًا. منذ عام 2016، عاد 1.29 مليون سوري إلى وطنهم، وهذا العدد في ازدياد يومي، وقد بدأنا ببناء مساكن في شمال سوريا".
على الرغم من هذه التصريحات، يواجه السوريون المقيمون في تركيا تحت بند الحماية المؤقتة (الكملك) واقعًا مختلفًا، حيث يُمنع معظمهم من زيارة بلدهم، حتى لأسباب إنسانية.
يقول نزار الشامي في مداخلة خاصة لسوريا 24: "مرت أكثر من عشر سنوات ولم أزر أهلي في سوريا. العديد من السوريين هنا فقدوا آباءهم وأمهاتهم دون أن يتمكنوا من وداعهم. بعد سقوط النظام، كنا نأمل بفتح الزيارات، لكن القرار لا يزال مغلقًا دون أسباب واضحة".
يشير الشامي إلى أن ما يقارب 2.25 مليون سوري ما زالوا يعيشون في تركيا تحت بند الحماية المؤقتة، وهم محرومون من زيارة بلادهم، على الرغم من استقرار الأوضاع الأمنية في أجزاء واسعة من الشمال السوري. ويضيف: "بعد التحرير، فُتح باب الإجازات بشكل مؤقت، بحيث يُسمح لشخص واحد من كل عائلة بزيارة سوريا لمدة 15 يومًا فقط، ضمن فترة امتدت ستة أشهر خُصصت لتنظيم هذه الزيارات. وبعد انتهاء تلك المدة، أُغلقت الزيارات مجددًا، ولم تُفتح بعدها إطلاقًا".
السوريون الذين يسلمون بطاقات الحماية على المعابر بهدف العودة يُجبرون على مغادرة تركيا نهائيًا خلال 15 يومًا. أما من يختار العودة الطبيعية وتسليم الكملك، فعليه دفع غرامة مخالفة الإقامة أو الفيزا التي تبلغ نحو ثمانية آلاف ليرة تركية. وهذه الغرامة ليست مقابل السماح له بالعودة ضمن الحماية المؤقتة، بل تُدفع لتجنب الحرمان من الحصول على فيزا دخول إلى تركيا لمدة خمس سنوات في المستقبل.
يخشى الكثير من السوريين فكرة "العودة الطوعية" التي تطرحها السلطات التركية، إذ يرون أن الظروف الاقتصادية في سوريا لا تسمح بالاستقرار، بسبب ارتفاع الإيجارات وندرة فرص العمل، إضافة إلى دمار المنازل والبنى التحتية في مناطقهم الأصلية.
ويقول الشامي: "من بين السوريين من يريد فقط زيارة بسيطة لرؤية عائلته أو منزله المدمر، وليس العودة الدائمة. لكن حتى هذه الزيارة باتت مستحيلة".
على الرغم من الصعوبات، يؤكد السوريون المقيمون في تركيا أنهم يقدرون استضافة الشعب والحكومة التركية لهم طوال السنوات الماضية، مشيرين إلى أن مطالبهم لا تتعلق بالسياسة بل بالحق الإنساني في زيارة الأهل والوطن.
ويضيف الشامي: "نحن نحترم تركيا ونقدر مواقفها تجاه الشعب السوري، ونأمل من الحكومة التركية الجديدة أن تفتح باب الزيارات، فهذا أقل ما يمكن بعد كل ما مررنا به من تهجير وحروب وزلازل".
يؤكد الشامي أن ملف السماح بزيارة السوريين إلى بلادهم يقع ضمن اختصاص وزارة الخارجية والمغتربين، التي من واجبها – بحسب قوله – التنسيق مع الجانب التركي لتسهيل هذه الزيارات: "في كل دول العالم، الوزارة المعنية بالمغتربين هي من تتابع قضايا مواطنيها في الخارج. من حقنا أن يُرفع طلب رسمي بهذا الشأن، وأن يُنظر إلينا كسوريين نُهمل منذ سنوات".
يرى سوريون كثر أن السماح بفتح باب الزيارات سيكون بادرة ثقة وإنسانية ترد لهم بعضًا من الشعور بالانتماء بعد سنوات طويلة من الاغتراب والحرمان، مؤكدين أن "من حق كل إنسان أن يرى وطنه".