الجمعة, 14 نوفمبر 2025 08:51 PM

خطة إسرائيلية لتقسيم غزة تثير المخاوف: "الخط الأصفر" قد يتحول إلى "جدار برلين"

خطة إسرائيلية لتقسيم غزة تثير المخاوف: "الخط الأصفر" قد يتحول إلى "جدار برلين"

كشف مصدر عسكري إسرائيلي عن أن موافقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على طلب أمريكي بتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، سيحول "الخط الأصفر" المؤقت في القطاع إلى ما يشبه "جدار برلين غزة".

يُذكر أن جدار برلين، الذي بنته ألمانيا الشيوعية عام 1961، قُسمت العاصمة الألمانية إلى شطرين (شرقي وغربي)، وشهد مقتل العشرات من المواطنين الذين حاولوا عبوره، وظل رمزا للانقسام لمدة 28 عاما قبل أن يسقطه شبان في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1989.

وترك الجدار، المعروف أيضا بـ"الستار الحديدي"، جروحا عميقة لدى سكان برلين، بعد أن أجبر بعضهم على العيش في شرقي المدينة، والبعض الآخر في غربها.

وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، يوم الجمعة، أن الجيش الإسرائيلي تفاجأ بموافقة نتنياهو على طلب واشنطن بتقسيم القطاع إلى "غزة الجديدة" و"غزة القديمة".

ويكمن الفرق بين المنطقتين في أن "غزة الجديدة" ستشملها إعادة إعمار ما دمره الجيش الإسرائيلي خلال عامي الإبادة الجماعية، بينما الأخرى ستكون على النقيض من ذلك.

وخلال الإبادة، دمر الجيش الإسرائيلي 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية في القطاع، بخسائر تقدر بنحو 70 مليار دولار، وفقا للأمم المتحدة، فضلا عن انهيار معظم المؤسسات الخدمية وتوقفها عن العمل بسبب هجمات تل أبيب والحصار المطبق.

ووفقا للصحيفة، ستكون "غزة الجديدة" ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي، شرقي "الخط الأصفر" الذي انسحبت إليه تل أبيب بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والذي يشمل أكثر من نصف مساحة القطاع.

كما سيتم في المرحلة الأولى إعادة إعمار مدينة رفح (جنوب) التي دمرها الجيش الإسرائيلي، بينما ستتم إعادة إعمار مناطق أخرى شرق الخط الأصفر، بما في ذلك شمال قطاع غزة، في المرحلة الثانية.

وبعد إعادة الإعمار المحتملة، ادعت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي سينسحب من "غزة الجديدة".

ونقلت "هآرتس" عن مصدر عسكري إسرائيلي، لم تسمه، وصف الخط الأصفر الذي من المفترض أن يكون مؤقتا بـ"جدار برلين غزة".

وعن الخطة، قالت الصحيفة إنها بلا جدول زمني، وستستمر لسنوات، وأشارت إلى قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية جراء عدم إشراكها، واعتزام واشنطن ترك الجيش الإسرائيلي وحيدا للتعامل مع "غزة القديمة" التي تسيطر عليها حركة حماس.

وعن إدارة "غزة الجديدة" بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، لفتت "هآرتس" إلى أن قوة الاستقرار الدولية ستتولى المهمة.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي، لم تسمهم، قولهم إن "هناك غموضا متزايدا بشأن الخطط الأمريكية المستقبلية في غزة، والتي حظيت بموافقة الحكومة في محادثات سرية دون مشاركة المستوى الأمني".

كما نقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي، لم تسمه، قوله إن المسؤولين الأمنيين غير مطالبين بالتعبير عن مواقفهم إزاء الخطة، وأضاف: "فقدنا القدرة على التأثير، حيث تجري تحركات استراتيجية في غزة أمام أعيننا، ولها تداعيات على مستقبل البلاد، دون أن يكون لإسرائيل، وبالأخص للمؤسسة الأمنية، أي تأثير على هذه العملية".

وقال مصدر أمني إسرائيلي آخر، لم تسمه الصحيفة، إن منصب رئيس الأركان ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) أصبحا غير ذي صلة، ويُطلب منهما اتخاذ خطوات استراتيجية كبرى وفقًا للمستوى السياسي، دون مناقشة الأضرار الأمنية".

وادعت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي سيشرف على نقل الفلسطينيين من "غزة القديمة" إلى "غزة الجديدة"، لكنه لم يبد استعدادا حتى الآن.

وعن "غزة القديمة"، قالت: "يؤكد مسؤولون أمنيون كبار أنه لا يوجد حتى الآن أي عامل يمكن أن يُضعف مكانة حماس في هذه المنطقة".

بينما قال مسؤول أمني كبير سابق، وصفته "هآرتس" بأنه مشارك في الخطة، قوله: "لا أحد مستعد لتحمل مسؤولية غزة القديمة، وهذا يتركنا أمام مشكلة يصعب التعامل معها، حيث تشعر المؤسسة الدفاعية بالإحباط".

من جهتها أكدت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، يوم الجمعة، رفضها القاطع أي محاولة لتمرير مخطط فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، مؤكدة تمسّكها بوحدة الدولة الفلسطينية.

جاء ذلك في بيان للحركة بمناسبة الذكرى السنوية لإعلان الاستقلال الذي يوافق 15 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام.

وقالت الحركة إن الشعب الفلسطيني "لن يتنازل ولن يساوم" على حقه في الحرية والاستقلال وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين مستقلة على حدود الرابع من حزيران/ يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وشددت على أنها "ترفض بشكل قاطع أي محاولة لتمرير مخطط فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية"، مؤكدة تمسّكها "بوحدة الدولة الفلسطينية".

وحذّرت "فتح" من استمرار "الهجمات الإرهابية" للمستوطنين الإسرائيليين، لافتة إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية بما فيها القدس "على وشك الانفجار".

وحمّلت الحركة الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة عن إرهاب المستوطنين وجرائمهم بحق المواطنين وممتلكاتهم".

ودعت الحركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى "تأكيد تعهداته بعدم ضم الضفة الغربية، والضغط على الحكومة الإسرائيلية لوقف اعتداءات المستوطنين وإنهاء الحصار المفروض على المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية".

وشددت على ضرورة "تثبيت وقف إطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بسلاسة"، مؤكدة أن "السلطة الوطنية هي صاحبة الولاية القانونية والإدارية، وأن أي لجنة لإدارة القطاع يجب أن تعمل تحت إشرافها".

ودعت "فتح" الفصائل الفلسطينية إلى "تحمّل مسؤولياتها الوطنية وعدم الانجرار وراء المخططات الإسرائيلية الرامية لفصل غزة عن الضفة"، معتبرة أن تمرير هذا المخطط "يمهّد لتصفية القضية الفلسطينية برمتها".

وفي 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2025 أعلنت قوى وفصائل فلسطينية في بيان مشترك نشرته حركة "حماس" أنها اتفقت خلال اجتماع عقدته في القاهرة (لم تحدد المشاركين فيه) على تسليم إدارة قطاع غزة للجنة مؤقتة من التكنوقراط من أبناء القطاع.

وتوصلت إسرائيل وحركة "حماس" في 9 أكتوبر الماضي إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يستند إلى خطة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي اليوم التالي دخلت المرحلة الأولى من الاتفاق حيز التنفيذ.

وتضمنت المرحلة الأولى إعلان انتهاء الحرب، وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي إلى ما سُمي "الخط الأصفر"، وإعادة الأسرى الإسرائيليين الأحياء والقتلى، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.

فيما يُفترض، وفق الخطة، أن تتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق، التي لم يتم الاتفاق عليها بعد، نشر قوة دولية لحفظ السلام في القطاع، وانسحاب الجيش الإسرائيلي منه، ونزع سلاح "حماس"، وإنشاء جهاز إدارة مؤقت تابع للهيئة الانتقالية الدولية الجديدة في غزة يسمى "مجلس السلام" برئاسة ترامب.

وأوقف اتفاق وقف النار إبادة إسرائيلية بغزة بدأت في 8 أكتوبر 2023، وخلفت أكثر من 69 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد عن 170 ألف مصاب، معظمهم أطفال ونساء.

لكن إسرائيل تخرق يوميا الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ منذ 10 أكتوبر الماضي، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى فلسطينيين، بينما أعلنت "حماس" التزامها المطلق بالبنود، ودعت إلى إلزام تل أبيب بتطبيقها.

مشاركة المقال: