يسود الشارع السوري ترقب حذر بعد قرار خفض أسعار المحروقات، وهي خطوة اعتبرها البعض إيجابية، إلا أنها لم تؤثر بشكل ملموس على أسعار السلع والخدمات الأخرى المرتبطة بتكلفة الوقود، خاصةً تعرفة النقل التي لم يتم تعديلها رسميًا حتى الآن رغم الوعود المتكررة.
أفاد مراسل "سوريا 24" في حماة بأن فرق مراقبة توزيع المشتقات النفطية بدأت بتنفيذ جولات يومية على محطات الوقود للتأكد من جودة الخدمة ومنع التلاعب بالأسعار. وأشار مراسلنا إلى أن مديرية النقل في حماة تعتزم إصدار تعرفة جديدة للنقل تتناسب مع الأسعار الجديدة للمحروقات.
أثر مباشر وتفاوت في الانعكاس
يرى خالد حلاق، وهو مواطن من حماة، أن الانخفاض في أسعار المحروقات "ملموس وحقيقي"، مشيرًا في حديثه لموقع "سوريا 24" إلى أنه شمل جميع أنواع الوقود. لكنه أعرب عن استغرابه من عدم انعكاس هذا التراجع على تعرفة النقل والمواصلات التي لا تزال غير مستقرة.
وأضاف: "نتمنى أن نرى انخفاضًا حقيقيًا في أسعار السلع والخدمات الأخرى، بما يتناسب مع مستوى الدخل الفردي، خاصةً أننا على أبواب فصل الشتاء الذي يشكل عبئًا إضافيًا على المواطنين".
انعكاس مأمول على القطاع الزراعي
من جانبه، تحدث أحمد الحسين، أحد مزارعي ريف حماة، عن أهمية هذا الانخفاض بالنسبة للقطاع الزراعي، موضحًا أن تشغيل آبار المياه يعتمد بشكل رئيسي على الديزل في فصل الشتاء، حيث تقل فعالية أنظمة الطاقة الشمسية.
وأضاف: "انخفاض سعر المحروقات خطوة إيجابية تشجع على الزراعة، وإذا تم دعم هذه المادة للمزارعين، فالكثيرون سيعيدون النظر في جدوى الزراعة مجددًا، خصوصًا أن الكهرباء ليست خيارًا بسبب أسعارها المرتفعة وعدم استقرارها".
مطالب بتعويض فروق الأسعار
في السياق ذاته، أوضح أحمد شاليش، مالك إحدى محطات الوقود، أن الأسعار قبل التخفيض كانت على النحو التالي: لتر المازوت بـ0.95 دولار، ولتر البنزين بـ1.10 دولار، بينما أصبحت بعد التعديل 0.75 دولار للمازوت، و0.85 دولار للبنزين.
وأشار لموقع "سوريا 24" إلى أن هذا الانخفاض مكّن المواطن من تعبئة كمية أكبر بنسبة 20% بالمبلغ نفسه، ما ساهم في تحسين القدرة على استخدام المازوت لأغراض التدفئة، وخاصة أنه بات أرخص نسبيًا من بدائل أخرى مثل الحطب أو قشر البندق أو البيرين.
ورغم الأثر الإيجابي على المواطن، أشار شاليش إلى أن محطات الوقود تكبّدت خسائر فورية بعد القرار، موضحًا أن الخزانات كانت ممتلئة بالمحروقات وفق السعر القديم، بينما تم إلزامهم من قبل مؤسسة "سادكوب" بالبيع وفق التسعيرة الجديدة، ما أدى إلى خسارة نحو 2000 دولار في محطته فقط.
وأضاف: "طالبنا بالتعويض، كما كان معمولًا به قبل عام 2011، عندما كانت اللجنة المعنية تقيس الكميات وتحدد التعويضات، لكن حتى الآن لم نحصل إلا على وعود دون تنفيذ".
تسعير يومي
وأكد شاليش أن الرقابة من وزارة النفط دقيقة، ولا يُسمح لأي محطة بتجاوز السعر المحدد حتى بسنت واحد، إذ تُرسل تسعيرة يومية إلى المحطات بناءً على سعر صرف الدولار، موضحًا أن التسعير يتم بالليرة السورية أو التركية حسب المنطقة.
ورغم أن انخفاض أسعار المحروقات شكّل بارقة أمل للكثير من المواطنين، فإن أثره لا يزال محدودًا دون إجراءات واضحة وشاملة تشمل تعرفة النقل وأسعار السلع الأساسية. وبينما يتفاوت التأثير بين المزارعين وأصحاب المحطات، بين مستفيد ومتحمّل للخسائر، يبقى المواطن بانتظار أن يتحول هذا الانخفاض إلى واقع يخفف من وطأة الشتاء القادم على جيبه وأسرته.