تؤكد فادية مجد أن المرحلة الراهنة في سوريا تستلزم تقوية شبكة الأمان الاجتماعي باعتبارها دعامة أساسية لتحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار. هذه الشبكة تساهم في حماية الفئات الأكثر ضعفاً وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية وعملية إعادة الإعمار، وذلك بالاعتماد على مبادئ التكافل والتضامن من خلال برامج مُحكمة وآليات تنفيذ شفافة ومشاركة مجتمعية فعالة.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر أن شبكة الأمان الاجتماعي تمثل ضرورة وطنية لحماية الفئات الأشد ضعفاً، خاصة مع التحول نحو اقتصاد السوق الحر. وأكد أن دور هذه الشبكة لا يقتصر على تقديم المساعدات، بل يجب أن تكون منظومة متكاملة تواكب مرحلة إعادة الإعمار وتدعم الاستقرار الاجتماعي.
أشار اسمندر إلى أهمية الاستفادة من الأطر الإسلامية في الضمان الاجتماعي، من خلال تفعيل الزكاة كأداة للتكافل، وتعزيز دور الأسر والعائلات في الإعالة، مع اعتبار الدولة الملاذ الأخير لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
كما نوّه بضرورة ربط المساعدات النقدية بمعدلات التضخم لحماية القدرة الشرائية، وفرض رقابة على أسعار السلع الأساسية كالخبز ومشتقات النفط، بالإضافة إلى ربط الإصلاحات الاقتصادية بحماية المجتمع عبر توجيه الاستثمارات الأجنبية نحو القطاعات الإنتاجية التي تخلق فرص عمل وتساهم في إعادة الإعمار.
واقترح اسمندر إنشاء هيئة وطنية للضمان الاجتماعي تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، وتخضع للمساءلة والشفافية، إلى جانب إنشاء سجل وطني موحد للمستفيدين يعتمد على معايير دقيقة للاستحقاق.
ولفت إلى إمكانية تنويع مصادر تمويل الشبكة من خلال تفعيل صندوق الزكاة بشكل مؤسسي، وتخصيص نسبة من عائدات المشاريع التنموية الكبرى، وإنشاء صندوق استثماري خاص بالضمان الاجتماعي، واستقطاع نسبة رمزية من رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص بشكل طوعي، مع ضرورة تصميم برامج تستهدف الفئات الأكثر احتياجاً، مثل الدعم النقدي المشروط مقابل التزام الأسر بإلحاق الأطفال بالتعليم، وبرنامج كفالة الأيتام لتلبية احتياجاتهم الأساسية والتعليمية، وبرنامج المعاش التقاعدي للعجزة وذوي الإعاقات الذين لا معيل لهم، وبرنامج الدعم العيني عبر توزيع سلال غذائية وقسائم شراء.
ويرى اسمندر أن التنفيذ يجب أن يتم تدريجياً عبر مرحلة تجريبية في مناطق محددة، مع اعتماد نظام دعم متدرج حسب درجة الاحتياج والظروف المعيشية، وربط الدعم ببرامج التمكين الاقتصادي من خلال تدريبات مهنية وقروض صغيرة، وإنشاء مرصد اجتماعي لرصد مؤشرات الفقر وقياس فاعلية البرامج.
وأوضح أن نجاح الشبكة يتطلب تفعيل المشاركة المجتمعية من خلال إقامة شراكات مع الجمعيات الأهلية، وتشجيع التطوع الاجتماعي لجمع التبرعات وتنفيذ المبادرات، وتشكيل لجان محلية للإشراف على توزيع المساعدات ومراقبة الأداء، مؤكداً ضرورة أن تترافق الشبكة مع سياسات اقتصادية كلية تدعم القطاعات الإنتاجية وتوفر فرص عمل، وبرامج إعادة إعمار تستهدف المناطق الأكثر تضرراً، وإصلاح نظام الدعم ليصبح أكثر استهدافاً وفعالية.
واختتم بالإشارة إلى أن منع الانحراف في مسار الشبكة يتطلب وجود نظام رقابة ومحاسبة مستقل، وتقارير دورية عن الأداء والتأثير، ودراسات تقييم أثر منتظمة، ومؤشرات أداء واضحة تقيس مدى تحقيق الأهداف.
إن هذه المقترحات تشكل إطاراً متكاملاً لبناء شبكة أمان اجتماعي فعالة في سوريا، تساهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزز الاستقرار، وتؤسس لمرحلة جديدة من العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. (أخبار سوريا الوطن1-الحرية)