الأحد, 16 نوفمبر 2025 09:02 AM

الذكاء الفائق: سباق عالمي محموم بين واشنطن وبكين ومخاوف من مستقبل مجهول

الذكاء الفائق: سباق عالمي محموم بين واشنطن وبكين ومخاوف من مستقبل مجهول

دمشق-سانا: يشهد العالم نقاشًا مستفيضًا حول "الذكاء الفائق"، وهو مفهوم يشير إلى قدرات تتجاوز القدرات البشرية في التفكير واتخاذ القرارات. وبينما ترى بعض القوى في هذا التطور فرصة لتعزيز التقدم، يحذر آخرون من المخاطر الوجودية التي قد يشكلها على الأمن الدولي. يتفاقم هذا القلق مع السباق المحموم بين الدول الكبرى لتوظيف الذكاء الفائق كسلاح استراتيجي، مما قد يغير موازين القوى ويضع مستقبل البشرية أمام تحديات غير مسبوقة.

الذكاء الفائق… من أداة تقنية إلى قضية وجودية

أوجد الذكاء الفائق ساحة جديدة للصراع بين الدول الكبرى. فالولايات المتحدة تنظر إليه كمصدر لتجديد قوتها الاقتصادية والعسكرية، بينما تعتبره الصين عاملاً حاسمًا لتعزيز نفوذها العالمي وسلاحًا قد يحسم معركتها الاستراتيجية مع واشنطن. يعكس هذا التحول إدراكًا متزايدًا بأن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل أصبح قضية وجودية تتجاوز حدود المختبرات لتصل إلى جوهر النقاش حول مستقبل البشرية.

تعريف ومخاوف

يشير مصطلح الذكاء الفائق إلى كيان ذكي قادر على التفوق على الإنسان في جميع القدرات المعرفية، بما في ذلك التخطيط والتحليل والإبداع والتعلم الذاتي واتخاذ القرارات الحاسمة. يخشى الخبراء من قدرة هذه الأنظمة على تحسين نفسها باستمرار، مما قد يتجاوز قدرة البشر على السيطرة عليها، خاصة مع التنافس الشديد بين الشركات الكبرى والدول العظمى. تشمل أبرز المخاوف:

  • التحسين الذاتي غير المحدود: إمكانية إعادة برمجة النظام لنفسه، مما قد يؤدي إلى أفعال غير متوقعة.
  • تفوق القدرة الحوسبية: امتلاك قوة تحليلية هائلة عبر الحواسيب العملاقة تتجاوز قدرة البشر مجتمعين.
  • غياب التنظيم الدولي: غياب إطار قانوني عالمي ينظم هذا التطور السريع وسط منافسة محتدمة.

مواقف القوى الكبرى

  • الولايات المتحدة: تدعم شركات التقنية العملاقة وتعتبر الذكاء الاصطناعي ركيزة لتجديد قوتها الاقتصادية والعسكرية، مع الدعوة إلى وضع ضوابط تحمي الأمن القومي.
  • الصين: تستثمر بكثافة في البنية الحوسبية والتطبيقات الدفاعية والمدنية، وتعتبره أداة لتعزيز نفوذها العالمي.
  • الاتحاد الأوروبي: يتبنى موقفًا أكثر تحفظًا ويعمل على إقرار تشريعات صارمة ومعايير أخلاقية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي.
  • دول الجنوب العالمي: تدعو إلى نموذج عالمي عادل يمنع احتكار التكنولوجيا ويضمن حماية السيادة الرقمية ومنع تحويل الذكاء الاصطناعي إلى أداة للهيمنة الجيوسياسية.

البعد العسكري… الأخطر في المعادلة

يمثل القطاع العسكري أكثر المجالات حساسية، حيث تشمل التطبيقات المحتملة أنظمة قيادة وتحكم ذاتية قادرة على تحديد الأهداف وتغيير المسار دون تدخل بشري، إضافة إلى أنظمة دفاعية واستخبارية متقدمة. يرى خبراء الأمن الدولي أن ظهور ذكاء فائق غير مضبوط قد يقود إلى سباق تسلح جديد ويهدد باندلاع نزاعات يصعب السيطرة عليها. وفي هذا السياق، تدعو شخصيات علمية وسياسية إلى إنشاء إطار دولي يشبه معاهدات منع الانتشار النووي، يضم قواعد صارمة حول قدرات الحوسبة المتقدمة ومتطلبات إلزامية لتقييم المخاطر.

مستقبل تحت الاختبار

يحمل الذكاء الاصطناعي وعودًا هائلة في الطب والبحث العلمي وإدارة الموارد، لكن ظهور "ذكاء فائق" يضع العالم أمام مفترق طرق: إما أن يتحول إلى خطر وجودي خارج السيطرة، أو يصبح أداة لتعزيز التقدم البشري إذا وُضع تحت رقابة صارمة ومعايير أخلاقية واضحة، وهو أمر مرهون بتوافق دولي واسع.

مشاركة المقال: