الثلاثاء, 18 نوفمبر 2025 12:02 AM

غضب في سوريا بسبب ارتفاع أسعار الإنترنت: هل تتجاوز التكلفة قدرة المواطنين؟

غضب في سوريا بسبب ارتفاع أسعار الإنترنت: هل تتجاوز التكلفة قدرة المواطنين؟

أثار قرار شركتي سيرياتل و MTN برفع أسعار باقات الإنترنت بنسب تتراوح بين 70 و 200 بالمئة استياءً واسعاً في أوساط السوريين، خاصةً في ظل تدهور القدرة الشرائية وغياب أي تحسينات ملموسة في جودة الخدمة. وشملت الزيادات معظم الباقات اليومية والأسبوعية والشهرية، مما أدى إلى مضاعفة الأعباء الاقتصادية على شريحة كبيرة من المستخدمين.

في محاولة لتهدئة ردود الفعل الغاضبة، أصدرت شركة سيرياتل بياناً رسمياً أوضحت فيه أن الباقات الجديدة تأتي ضمن "خطوة تهدف إلى ضمان استمرارية الشبكة وتقديم خدمة أكثر استقراراً". وأضافت الشركة أنها تعمل على "توسيع الشبكة عبر تحديث الأبراج بتقنيات أحدث، وإطلاق باقات مالية جديدة تلائم مختلف الشرائح، إضافة إلى تحسين التغطية في جميع المحافظات". وأكدت سيرياتل أن قطاع الاتصالات يمر بمرحلة تطوير واسعة تشمل مشاريع جديدة، وأن إطلاق الباقات الحالية ليس سوى "مرحلة أولى" ستتبعها باقات إضافية وفق دراسات السوق واحتياجات المستخدمين، متعهدةً بالتواصل المستمر مع المشتركين عبر منصاتها الرسمية.

من جانبه، صرح وزير الاتصالات عبد السلام هيكل بأن الوزارة تتابع "كل ما يرد من انتقاد واعتراض وغضب"، مؤكداً أن الأيام القادمة ستشهد شرحاً مفصلاً لواقع قطاع الاتصالات وتحدياته واتجاهاته. وأوضح الوزير أن القطاع "يمر بمرحلة انتقالية غير مسبوقة" تتضمن شراكات واستثمارات جديدة، بعضها في المراحل النهائية، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على رفع جودة الخدمة "إلى أقصى درجة ممكنة ضمن الإمكانيات المتاحة"، لكنه شدد على أن المهمة "ليست سهلة". ورغم ذلك، أعرب عدد من المواطنين لموقع سوريا 24 عن استيائهم من بيان الوزارة، معتبرين أنه "خارج التغطية" ولا يتضمن أي إجراءات ملموسة أو وعود مباشرة بتخفيض الأسعار أو تحسين الخدمة.

يبدو أن طلاب الجامعات هم الفئة الأكثر تضرراً من هذه الزيادة. وتقول الطالبة هديل المحمد من الجامعة الافتراضية إن تأثير الزيادة كان "مباشراً وواضحاً"، مضيفة أنها تعتمد على الباقات الخلوية بسبب ضعف الإنترنت المنزلي، وأن باقة 6 جيغا التي ارتفع سعرها إلى 36 ألف ليرة لم تعد تغطي احتياجاتها الجامعية الأساسية. وتؤكد هديل أن عدداً كبيراً من طلاب الجامعات الافتراضية أصبحوا عاجزين عن متابعة المحاضرات، لافتة إلى أن العروض المخصصة للطلاب "لا تقدم أي تخفيف فعلي".

وفي مقارنة مع دول الجوار، يشير المواطن حسن الحسن إلى الفارق الكبير بين سوريا ودول الجوار، موضحاً أنه دفع 60 ألف ليرة مقابل باقة 6 جيغا و 400 دقيقة، بينما كان يحصل في تركيا على 60 جيغا وأكثر من ألف دقيقة بالسعر نفسه، مؤكداً أن الخدمة لا تتناسب مع الأسعار، وأن ضعف الشبكة في أحياء شرقي حلب يجعل المستخدم ينتظر طويلاً لفتح التطبيقات أو إرسال الصور.

يطالب مواطنون آخرون بضرورة مراعاة دخل الأسر السورية، إذ يقول طارق مطيع إن الأسعار الحالية "تجاوزت القدرة الشرائية تماماً"، مشدداً على ضرورة إعادة تقييمها. ويشير أحمد عبجي إلى أن أسعار الخطوط ارتفعت بشكل غير مسبوق، إذ بات سعر خط الهاتف 50 ألف ليرة بعد أن كان 20 ألفاً فقط، وسط غياب عروض بديلة. ويؤكد الخياط محمود درويش من حلب أنه أصبح أمام خيارين صعبين، موضحاً أن دخله اليومي البالغ 75 ألف ليرة لا يكفي لتغطية باقة تصل إلى 100 ألف، ما يجعله مضطراً للاختيار بين الإنترنت واحتياجات أسرته الأساسية.

وفي شمال سوريا، يقول المواطن لؤي عزيزي إن مناطق واسعة لا تصلها تغطية اتصالات أساساً، وإن الشكاوى المتكررة لتركيب أبراج جديدة تغيب عنها أي استجابة، بينما تعاني مراكز الخدمة من ازدحام شديد وبطء في إنجاز المعاملات.

أدت الزيادة الكبيرة في أسعار الإنترنت إلى توتر غير مسبوق بين المستخدمين، في وقت تتبادل فيه الشركات والوزارة التبريرات، بالتزامن مع تراجع جودة الخدمة واتساع النقص في التغطية. وبينما تتعهد الجهات الرسمية بخطط تطوير مستقبلية، يبقى المواطن في مواجهة خدمة مرتفعة التكلفة وضعيفة الأداء، وبلا بدائل حقيقية حتى الآن.

مشاركة المقال: