يشهد المعهد العالي للقضاء في دمشق عملية إصلاح شاملة تهدف إلى تأهيل جيل جديد من القضاة يتميز بالنزاهة والكفاءة، ويعتمد على أحدث التقنيات الرقمية، وذلك في إطار الجهود الوطنية لإصلاح القضاء وتعزيز سيادة القانون، وفقاً لما صرح به عميد المعهد إبراهيم الحسون لـ سانا.
يضطلع المعهد بدور محوري في إعداد وتأهيل الكوادر القضائية من خلال إطلاق مسارات تأهيل نوعية تستهدف الكوادر القضائية الجديدة والعاملة، بهدف إعداد كفاءات قضائية قادرة على المساهمة الفعالة في عملية إعادة بناء المؤسسة القضائية في سوريا. وأوضح الحسون أن هذه الجهود تهدف إلى تدريب الطلاب والقضاة العاملين والقيادات القضائية، بمن فيهم رؤساء العدليات والمحامون العاملون، مع التركيز على دمج وتطبيق التقنيات الحديثة في العمل القضائي، مما يسهم في ترسيخ مبادئ دولة القانون والحقوق والعدالة.
وأشار الحسون إلى أن المعهد يعمل على تعزيز المستوى الأكاديمي والمهني للكوادر القضائية، وفي هذا الإطار تم توقيع اتفاقية مع وزارة التعليم العالي لمعادلة شهادة المعهد بشهادة ماجستير تأهيل وتخصص. كما لفت إلى سعي المعهد بالتعاون مع جهات دولية ومنظمات متخصصة للاستفادة من خبراتها في مسائل التحول الرقمي، وحقوق الإنسان، والعدالة الانتقالية، بالإضافة إلى التعاون مع بعض المؤسسات التدريبية السورية.
ويعمل المعهد، وفقاً للحسون، على تأسيس بنية تحتية رقمية عبر إنشاء بوابة رقمية تتضمن قواعد بيانات للطلاب والدورات، وإطلاق منصة إلكترونية للتعليم عن بعد تتيح التدريب للقضاة عن بعد، إضافة إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لأرشفة القضاء واستخلاص القضايا السابقة مثل قضايا محكمة النقض. وقد تم افتتاح قسم التحول الرقمي والبحث العلمي، ويجري العمل على إنشاء مخبر قضائي حديث لتدريب الطلبة والمتدربين على استخدام التقنيات الحديثة والأرشفة الإلكترونية.
وفي خطوة لتعزيز الثقة في الجهاز القضائي، كشف عميد المعهد عن تطبيق معايير عالية ودقيقة في اختيار القضاة الجدد، حيث تم اختيار 570 متقدماً من أصل نحو 3000، بناءً على أعلى العلامات. وأوضح الحسون أن من بين الشروط المطبقة حصول المتقدم على تزكية من شخصية قضائية، والتحقق من حسن السمعة والسلوك والنزاهة، وألا يكون قد تورط في الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام البائد أو عمل في أجهزته الأمنية أو العسكرية بعد عام 2011.
ولمعالجة النقص الحاصل في كوادر المحاكم، لفت الحسون إلى موافقة مجلس القضاء الأعلى على اقتراح بقبول المحامين الأساتذة ذوي الخبرة بحد أدنى ست سنوات في المحاماة، حيث سيخضع هؤلاء لدورة سريعة ومكثفة في المعهد لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر قبل مباشرتهم العمل القضائي، وذلك لرفد المحاكم بشكل عاجل بأصحاب الكفاءة الميدانية.
يُذكر أن المعهد العالي للقضاء أُحدث وفق القانون رقم 23 لعام 2013، بهدف الارتقاء بمستوى العمل القضائي، وتم تكليف الحسون عميداً للمعهد بتفرغ كامل في شهر تموز الماضي.