أعلنت إسرائيل أن المفاوضات مع سوريا وصلت إلى طريق مسدود، وذلك بعد رفضها للمطالب السورية بالانسحاب من جميع المناطق التي احتلتها بعد كانون الأول 2024. وبررت إسرائيل توغلها في عدة مناطق سورية عقب سقوط النظام السوري، بحجة منع تكرار أحداث مشابهة لـ "7 أكتوبر جديد"، معتبرة أن اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 قد انهار، بينما تتمسك دمشق بهذا الاتفاق.
نقلت هيئة البث الإسرائيلية (كان) عن مصادر لم تسمها، أن إسرائيل رفضت "طلب الرئيس السوري أحمد الشرع بالانسحاب من جميع النقاط التي احتلها الجيش الإسرائيلي في سوريا بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد". وأكدت المصادر، أن إسرائيل ستنسحب من بعض هذه النقاط فقط مقابل اتفاق سلام شامل مع سوريا، وليس مجرد "اتفاق أمني"، وهو أمر غير مرتقب حاليًا.
في 26 من أيلول الماضي، ذكرت وكالة "رويترز" أن جهود التوصل إلى اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل واجهت عقبة في اللحظات الأخيرة بسبب إصرار إسرائيل على فتح "ممر إنساني" إلى محافظة السويداء في جنوب سوريا. ونقلت الوكالة عن أربعة مصادر مطلعة على المحادثات، أن الاتفاق تعثر بسبب هذا الطلب الإسرائيلي المتجدد.
رفع سقف المطالب
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في 13 من تشرين الثاني الحالي، إن الحكم على الرئيس السوري الجديد، أحمد الشرع، لا يكون من خلال الصور أو التصريحات، بل من خلال أفعاله على أرض الواقع، في إشارة إلى زيارة الشرع الأخيرة إلى واشنطن ولقائه مسؤولين أمريكيين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وفي لقاء مع الإعلامية الأسترالية إيرين مولان، أعرب نتنياهو عن رغبته في التوصل إلى ترتيب يضمن نزع السلاح في جنوب غربي سوريا وتوفير حماية دائمة للأقلية الدرزية هناك.
من جهته، استبعد الرئيس السوري، أحمد الشرع، في حوار مع قناة "فوكس نيوز"، في 11 من تشرين الثاني الحالي، انضمام سوريا إلى "اتفاقيات أبراهام"، موضحًا أن الوضع في سوريا يختلف عن الدول التي وقعت الاتفاق. وأضاف أن سوريا لديها حدود مع إسرائيل التي تحتل الجولان منذ عام 1967، وأنها ليست بصدد الدخول في مفاوضات مباشرة حاليًا، معربًا عن اعتقاده بإمكانية لعب الولايات المتحدة برئاسة ترامب دورًا في هذا الملف.
وفي حواره مع صحيفة "واشنطن بوست"، انتقد الرئيس السوري سياسة إسرائيل التوسعية وطالب بنزع السلاح من جنوبي سوريا.
لماذا تعثر الاتفاق الأمني بين سوريا وإسرائيل
جدد الرئيس السوري تأكيده على انخراط سوريا في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، مشيرًا إلى أن المفاوضات قطعت شوطًا طويلًا نحو التوصل إلى اتفاق، ولكن للتوصل إلى اتفاق نهائي، يجب على إسرائيل الانسحاب إلى حدود ما قبل 8 من كانون الأول 2024. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تدعم هذه المفاوضات، إلى جانب العديد من الأطراف الدولية الأخرى، وأن ترامب يدعم وجهة النظر السورية في هذا الصدد.
دور أمريكي
أشار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في حديث للصحفيين عقب لقائه الشرع، إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع إسرائيل بشأن العلاقات مع سوريا. ولعبت الولايات المتحدة الأمريكية، عن طريق مبعوثها توم براك، دور الوسيط بين سوريا وإسرائيل خلال الأشهر الماضية، سواء في جولات باريس، أو في اللقاء الأخير بين وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، في لندن.
يعتقد الأكاديمي والباحث السوري أحمد الكناني أن ما يعوق تقدم الاتفاق هو ارتفاع سقف المطالب الإسرائيلية، بدءًا من منطقة منزوعة السلاح، ثم التوغل بريًا في الجنوب وإقامة قواعد عسكرية، ثم مطالب الممر الإنساني إلى السويداء، مضيفًا أن هذه الشروط وضعتها إسرائيل للضغط على دمشق ودفعها إلى الرفض.
وأكد الكناني، في حديث سابق، تمسك سوريا بالمطالب الرئيسة، ومن أهمها فرض الوجود السوري الكامل في الجنوب، والعودة إلى ما قبل 8 من كانون الأول 2024، مضيفًا أن المجتمع الدولي بات يدفع أكثر تجاه الشرعية السورية على الجولان والعودة لاتفاق فض الاشتباك 1974.
وفي حالة الوصول لاتفاق، يتوقع الكناني احتفاظ إسرائيل بجبل الشيخ، والحديث المباشر بين الطرفين بشأن النقاط التي استحدثتها إسرائيل في الجنوب السوري. وفي حال عدم الوصول إلى أي اتفاق، وهو ما يرجحه الأكاديمي السوري، فإن إسرائيل تريد جعل الجنوب السوري "الخاصرة الرخوة" لسوريا من خلال فرض أجندات خاصة بها سواء في السويداء، أو الجنوب عمومًا.
وتقول إسرائيل، إنها تريد منطقة منزوعة السلاح في الجنوب السوري، منعًا لأي هجمات مستقبلية على أراضيها على غرار ما جرى في 7 من تشرين الأول 2023، وفق حوار لوزير الخارجية الإسرائيلي مع صحيفة "جيروزاليم بوست" في 28 من كانون الأول 2024.