الخميس, 20 نوفمبر 2025 11:39 AM

زيارة ابن سلمان لواشنطن تثير قلق نتنياهو وتزعزع هيمنة إسرائيل في المنطقة

زيارة ابن سلمان لواشنطن تثير قلق نتنياهو وتزعزع هيمنة إسرائيل في المنطقة

كتب محمد خير الوادي: أستطيع أن أجزم أن أكثر شخص منزعج في العالم من زيارة ولي العهد السعودي إلى أمريكا هو نتنياهو. نتائج هذه الزيارة رفعت القلق الإسرائيلي إلى مستويات غير معهودة، لأنها صدّعت كثيراً من الخطوط الحمر التي فرضتها إسرائيل في المنطقة خلال نصف القرن الأخير. وسأفصل في ذلك.

لقد بذلت إسرائيل جهوداً محمومة لمنع العرب من امتلاك الطاقة الذرية، وصاغت موقفها هذا عبر ما أسمته "بعقيدة بيغن"، الرامية إلى منع العرب من امتلاك الطاقة النووية، وإبقاء الهيمنة الإسرائيلية المطلقة في هذا المجال. ولذلك دمر الكيان الصهيوني المفاعل النووي العراقي عام 1981، ودفع باتجاه تفكيك البرنامج النووي الليبي عام 2003، وشن الطيران الإسرائيلي عام 2007 غارات على ما أسمته إسرائيل - آنذاك - مفاعلاً نووياً سورياً. إضافة إلى ذلك، فقد نظم الموساد عملية شاملة ضد علماء الذرة العرب، أسفرت عن اغتيال العشرات منهم. واليوم تخرق السعودية – وبمساعدة أمريكية – هذا الخط الأحمر الإسرائيلي، من خلال اتفاق مع واشنطن، لإقامة مفاعلات نووية أمريكية في السعودية لأغراض سلمية. ونتنياهو سيكون غير قادر على تدمير تلك المفاعلات، لأنها أمريكية.

والخط المحرم الإسرائيلي الثاني الذي اجتازته السعودية هو الحصول على موافقة أمريكية لشراء أحدث الأسلحة الأمريكية بما فيها مقاتلات إف- 35. لقد كان امتلاك تلك الأسلحة محظوراً على العرب، ومتاحاً لإسرائيل لإبقاء تفوقها الكامل في الأجواء العربية. وستكون أيادي إسرائيل مقيدة في تدمير تلك الأسلحة الأمريكية.

والخط الأحمر الإسرائيلي الثالث الذي تم اختراقه نتيجة هذه الزيارة، هو سعي السعودية – بمساعدة أمريكية – للتحول إلى واحد من أكبر المراكز العالمية في إنتاج أشباه الموصلات والذكاء الاصطناعي، وهي الوسائل الوحيدة لمن يود العبور إلى المستقبل.

ولم يجرؤ نتنياهو على مواجهة الرئيس ترامب الذي نظم هذه الزيارة السعودية الهامة، ولذلك فضل رئيس الوزراء الإسرائيلي اللجوء إلى أساليب غير مباشرة للتعبير عن قلقه وانزعاجه من الرئيس ترامب. فهو – أي نتنياهو – قرر أن يخرب الجهود السلمية التي يبذلها الرئيس ترامب في الشرق الأوسط. وقد بدأ نتنياهو نشاطه هذا من خلال تسريب أخبار عن تعثر المفاوضات السورية الإسرائيلية التي تتم برعاية أمريكية. وإمعاناً في الاستفزاز، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي بزيارة غير مسبوقة للمناطق السورية التي احتلتها إسرائيل بعد سقوط النظام البائد. كما ضاعفت حكومة المتعصبين الصهاينة جهودها لعرقلة خطط السلام الأمريكية في كل من غزة ولبنان وسورية. وفي الوقت نفسه، حركت إسرائيل ذيولها في الساحة السورية للاعتداء على الجيش العربي السوري في الرقة، كما رفع الانفصاليون في السويداء من وتيرة تحديهم للحكومة السورية.

باختصار، نتنياهو منزعج حقاً من نتائج زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن، والطامة الكبرى بالنسبة لنتنياهو أن يكون الرئيس ترامب هو الذي يرعى الأحداث التي تثير القلق والانزعاج لدى نتنياهو.

وأختم بالقول، إن مستوى ضغط نتنياهو قد ارتفع كثيراً بسبب قرار ترامب اعتبار السعودية حليفاً استراتيجياً لأمريكا من خارج الناتو. فقد احتكر رئيس الوزراء الإسرائيلي هذه الصفة لعقود طويلة. واليوم ينتهي هذا الاحتكار. وطبيعي أن يثير هذا الأمر حفيظة نتنياهو، ويؤجج مكامن القلق لديه. (أخبار سوريا الوطن1-مركز الوادي للدراسات الأسيوية)

مشاركة المقال: