الخميس, 20 نوفمبر 2025 01:35 PM

تصعيد إسرائيلي وقصف في الجنوب اللبناني وسط ضغوط أمريكية لتفجير الوضع الداخلي

تصعيد إسرائيلي وقصف في الجنوب اللبناني وسط ضغوط أمريكية لتفجير الوضع الداخلي

يبدو أن تحويل الجيش اللبناني وحزب الله إلى طرفي مواجهة مباشرة أصبح هدفاً رئيسياً في البرنامج الأمريكي الإسرائيلي، الذي يرى أن ضرب المقاومة غير ممكن دون إثارة فتنة داخلية. وللمرة الأولى، يبدي الأمريكيون اهتماماً واضحاً بدفع الجيش إلى الاصطدام مع المقاومة تحت شعار "تطبيق قرارات الحكومة بالقوة لا بالمُراضاة".

هذا التوجه قوبل بالرفض من الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وكذلك قائد الجيش العماد رودولف هيكل، الذين أبلغوا الأمريكيين بوضوح أن الحرب الأهلية ليست طريقاً إلزامياً لضمان أمن إسرائيل.

وفي هذا السياق، يأتي التصعيد الميداني للضغط على بيئة المقاومة، على الرغم من إدراك تل أبيب أنها عاجزة عن القضاء على حزب الله بعد تجربتها في الحرب الأخيرة. هذا التصعيد ينذر بدخول لبنان مرحلة جديدة من الضغوط الأمريكية الإسرائيلية على الدولة اللبنانية ومؤسساتها، بهدف توفير مناخ داخلي يستجيب لمطالبها، تحت التهديد المستمر بـ "البديل هو الانهيار".

يأتي ذلك في ظل انقسام القوى الرئيسية بين فريق تقوده "القوات اللبنانية" يريد من أمريكا وإسرائيل القيام بأي شيء للقضاء على حزب الله، وفريق آخر يتفق على أن كلفة أي عدوان تبقى أقل من كلفة حرب أهلية تقضي على أي أمل بقيام دولة مستقرة.

وتندرج في هذا السياق الحملة الأمريكية على قائد الجيش، وزيارة وفد الخزانة الأميركية لبيروت الأسبوع الماضي، وسط خشية من أن يكون هذا التشدّد الأميركي غير المسبوق إشارة الى انتهاء فترة السماح التي أُعطيت للعهد للبتّ في ملف السلاح.

تزامن ذلك مع تصعيد العدو الإسرائيلي لضغوطه الميدانية في الأيام القليلة الماضية، باستهداف أماكن يدّعي بأنها تضم منشآت للمقاومة، ودفع الجيش إمّا للرضوخ لإملاءاته وتنفيذ طلباته بتفتيش المنازل والممتلكات الخاصة بما يضعه وجهاً لوجه مع سكان القرى الجنوبية ويُظهِره كحرس حدود لإسرائيل، أو بإظهار قائد الجيش عاجزاً عن تنفيذ قرار نزع السلاح و«متعاوناً» مع حزب الله، وهو ما أشارت إليه صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أمس، مشيرة إلى أن «الجيش الإسرائيلي رصد في الأسابيع الأخيرة تعاوناً بين وحدات من الجيش اللبناني وعناصر من حزب الله، ونقل معدات تابعة للحزب بواسطة مركبات للجيش، وغضّ الطرف عن إدخال معدات هندسية إلى مواقع لحزب الله».

وكان أمس حافلاً بالاعتداءات الإسرائيلية، إذ سبقت سلسلة إنذارات استهداف منازل في بلدات شحور ودير كيفا وطيرفلسيه وعيناثا، زعم العدو أنّها «منشآت عسكرية». بعض هذه المنازل كان مأهولاً، ما اضطر أصحابها إلى مغادرتها على عجل. وليلاً، أصدر جيش الاحتلال خريطة لبلدة بيت ليف مدّعياً وجود 31 موقعاً ومنزلاً فيها تضم منشآت عسكرية، من دون أن يوجّه إنذاراً بالإخلاء أو القصف، ما أدّى إلى موجة من الذعر بين السكان.

وبعد مناشدة من رئيس بلدية بيت ليف عزات حمود، انتشرت قوة من الجيش في البلدة مع دورية مؤلّلة لـ«اليونيفل». وفيما تمّ تداول أخبار غير مؤكّدة عن طلب العدو عبر لجنة «الميكانيزم» تفتيش عدد من بيوت القرية، أشارت مصادر متابِعة إلى أن انتشار الجيش في بيت ليف «هو لمؤازرة الأهالي ورفض تهديدات العدو واستباحته البلدات الجنوبية»، مؤكّدة «رفض الجيش تنفيذ إملاءات العدو بتفتيش المنازل والممتلكات الخاصة».

تواصل الاعتداءات الإسرائيلية جاء على وقع مجزرة عين الحلوة ليل الثلاثاء. وحتى ساعات بعد ظهر أمس، كانت فرق الإسعاف لا تزال تجمع الأشلاء من محيط مسجد خالد بن الوليد في المخيم.

وفيما تمّ التعرّف إلى هويات 13 شهيداً، تجري فحوصات جينية لتحديد هويات أشلاء نُقلت إلى مستشفى الهمشري. ودعت حركة حماس والفصائل الفلسطينية الى تشييع جماعي للشهداء اليوم، وغالبيتهم من عناصر كشافة الحركة، تزامن وجودهم في محيط المسجد عند استهدافه بثلاثة صواريخ، سقط اثنان منها على «هنغار» يُستخدم ملعباً وموقفاً للسيارات، وأصاب الثالث السيارات المتوقّفة في المَرأْب المحيط، ما أوقع ضحايا وجرحى بين المارة وسكان المنازل المجاورة. ولدحض مزاعم العدو بأن الغارة استهدفت مركز تدريب ومنشآت عسكرية تابعة للحركة، فتح عناصر حماس المسجد والملعب والمَرأب أمام وسائل الإعلام وعدسات المصوّرين أمس.

تمدّد الهجمات الإسرائيلية وتوجيه ضربات مكثّفة داخل بيئات مدنية مكتظة، يؤشران بحسب مصادر إلى إسقاط إسرائيل مبدأ تحييد المدنيين عن مسار أي تصعيد إسرائيلي جديد يتجاوز ساحات المواجهة التقليدية. وفي قراءة لطبيعة الرسائل الإسرائيلية وخلفياتها الميدانية، تخوّفت المصادر من أن يكون الاعتداء في عين الحلوة صورة عمّا ينتظر مناطق أخرى في الأيام أو الأسابيع المقبلة.

وفي هذا السياق ذكرت قناة «كان» العبرية أن «المنظومة الأمنية ترى أن الضربات الموجّهة ضد حزب الله غير كافية، وأن هناك حاجة إلى خطوات أوسع»، مشيرة إلى أن «التنظيم يعيد ترميم قدراته العسكرية، والجيش الإسرائيلي قد يهاجم مناطق امتنع عن استهدافها حتى الآن».

إلى ذلك، قالت مصادر لـ«الأخبار» إن اتصالات تجري مع السفارة الأميركية في بيروت لتخفيف التوتر بعد إلغاء زيارة قائد الجيش لواشنطن، وإن الأسبوع المقبل قد يشهد اجتماعاً بين عون والسفير الأميركي المُعيّن حديثاً في بيروت ميشال عيسى، مؤكّدة أن «لا تواصل أبداً بين عون والمبعوثيْن توماس برّاك ومورغان أورتاغوس». وأشارت المصادر إلى أن «عون ينوي الكلام مع عيسى عن خطورة وقف دعم الجيش».

مشاركة المقال: