في مشهد مأساوي، تحول طريق المعلمة الشابة "سماح الزعبي" إلى نهايتها المأساوية، حيث أقدم مسلحان ملثمان يستقلان دراجة نارية على قتلها بإطلاق النار عليها، بينما كانت في طريقها إلى المدرسة لتعليم طلابها.
ووفقًا لصفحات محلية مثل "درعا 24" و"تجمع أحرار حوران"، فإن "سماح" كانت معلمة شابة في مدرسة ابتدائية، وقد وقعت جريمة القتل صباح يوم الأحد في الحي الشمالي ببلدة الطيبة، بريف درعا الشرقي بالقرب من الطريق المؤدي إلى بلدة كحيل. ولم تذكر المصادر المحلية أي سبب محتمل لهذه الجريمة التي وصفها ناشطون آخرون بأنها اغتيال، لكن بعض التعليقات أشارت إلى دافع انتقامي محتمل، مما يعكس حالة الانفلات الأمني في درعا.
وخلال شهر تشرين الأول الماضي، وثقت مقتل 26 شخصًا وإصابة 26 آخرين في محافظة درعا، معظمهم من المدنيين، نتيجة لعمليات اغتيال، وإطلاق نار عشوائي، وانفجارات، واشتباكات، واستهدافات ثأرية. ومن بين الضحايا، كان هناك 16 مدنياً بينهم سيدتان وطفلتان، بينما أصيب 17 مدنياً بينهم 7 أطفال وسيدتان من أصل 26 مصاباً.
وقبل حادثة درعا بيومين، شهدت مدينة الرقة جريمة مماثلة طالت المعلمة "فاطمة حسن الشعيب"، في منتصف عقدها السادس، حيث عُثر عليها مقتولة بعدة طعنات داخل أحد أحياء شارع سيف الدولة، وفقًا لما أفاد به "المرصد السوري لحقوق الإنسان". وأشار المرصد إلى أن الضحية تعرضت للخنق وسرقة مصاغها، دون توفر معلومات إضافية حول هوية الفاعلين. وأصدر المركز الإعلامي لقوى الأمن الداخلي التابع للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بياناً يوم السبت الماضي، أعلن فيه عن القبض على الفاعلين، وأن التحقيقات لا تزال جارية.
ومع تتابع الحادثتين خلال 3 أيام في محافظتين مختلفتين، تتزايد مخاوف الأهالي بشأن تراجع الشعور بالأمان، في وقت تشير فيه تقارير محلية إلى تزايد الحوادث التي تطال المدنيين، بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم. ووثّق وقوع 138 جريمة قتل متعمدة في مناطق نفوذ "الإدارة الذاتية" منذ مطلع عام 2025، تنوعت دوافعها بين العنف الأسري والسرقة، بينما بقيت أسباب عدد منها غير واضحة حتى الآن، ووفق بيانات المرصد، فقد راح ضحية هذه الجرائم 158 شخصا، بينهم 127 رجلا و20 امرأة و11 طفلا.
وفي حمص، قُتلت المعلّمة "ليال غريب" بإطلاق نار مباشر عليها أمام مدرستها "وليد النجار" في "جب الجندلي" يوم 7 تشرين الأول. "ليال" أم لأربعة أطفال، فيما ذكر البعض أن الدوافع قد تكون طائفية. وتكررت الجريمة لاحقاً في أواخر الشهر ذاته لتودي بحياة المعلمة "رهام حمودة"، التي كانت داخل منزلها، قبل أن يقوم مسلحون مجهولون برمي قنبلة داخله فتودي بحياتها. وكان المرصد السوري قد وثق مقتل 20 شخصاً في محافظة حمص خلال تشرين الأول الفائت، من بينها 15 رجلاً، و4 سيدات وطفل واحد. بينما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير لها، مقتل نحو 221 مدنياً منذ سقوط النظام وحتى 20 تشرين الأول الفائت في محافظة حمص، بينهم 15 طفلاً و14 سيدة، من جراء عمليات قتل خارج نطاق القانون.
وتظهر هذه الوقائع المتقاربة زمنياً والبعيدة مكانياً أن العاملين في قطاع التعليم باتوا من بين الفئات التي طالتها حوادث العنف في أكثر من محافظة، وسط تفاوت كبير في الظروف والدوافع بين كل حادثة وأخرى، ودون مؤشرات واضحة على وجود ارتباط بينها. ورغم تباعد هذه الحوادث في المكان واختلاف ظروفها ودوافعها، إلا أن تزامنها خلال فترة قصيرة ترك أثراً ثقيلاً لدى الكوادر التعليمية، التي وجدت نفسها أمام أسئلة لا تزال بلا إجابات واضحة، بينما يبقى العامل المشترك الوحيد هو القلق الذي يرافق العاملين في هذا القطاع، والانتظار لمعرفة ما ستكشفه التحقيقات في كل حادثة على حدة.