الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 10:30 AM

مأزق اتفاق غزة: 'الفقاعات الإنسانية' بنسخة أمريكية وعجز الضامنين

مأزق اتفاق غزة: 'الفقاعات الإنسانية' بنسخة أمريكية وعجز الضامنين

على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة والاجتماعات المتواصلة التي يشارك فيها مسؤولون من دول عدة بهدف ترسيخ التهدئة في قطاع غزة، والتحضير للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، لا تزال هناك تحديات كبيرة تعترض طريق المفاوضات. من أبرز هذه التحديات ملف مقاتلي «كتائب القسام» المحاصرين في المنطقة التي يحتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في رفح.

في غضون ذلك، يواصل العدو الإسرائيلي ادعاء وقوع اشتباكات متكررة مع المقاومين في المنطقة، ويتخذ من هذه الادعاءات ذريعة لانتهاك الاتفاق وتنفيذ عمليات قصف واغتيال واستهداف واسعة في أنحاء مختلفة من القطاع. وقد نقلت «القناة 12» العبرية عن تقديرات للجيش الإسرائيلي تفيد بـ «مقتل نصف مسلحي حركة حماس المحاصرين في أنفاق رفح».

في المقابل، ذكرت مصادر لـ«الأخبار» أن الاجتماعات التي عقدت في القاهرة مع وفد قيادة حركة «حماس» شهدت تشديداً من الوسطاء على «ضرورة التزام الفصائل الفلسطينية باتفاق وقف إطلاق النار»، على الرغم من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية. وأكد الوسطاء أنهم «يبذلون جهوداً لدفع واشنطن إلى ممارسة ضغوط على تل أبيب»، لكن هذه الجهود لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن. وجدد مسؤولو «حماس» تأكيدهم التزام الحركة بالاتفاق القائم، ومطالبتهم الوسطاء بالقيام بدورهم في منع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة.

ووفقاً لمسؤول مصري صرح لـ«الأخبار»، تعتقد القاهرة والوسطاء أن هناك «عقبات يتحمل فيها الطرف الفلسطيني جزءاً من المسؤولية»، مشيراً بشكل خاص إلى الخلاف القائم حول «لجنة التكنوقراط» التي ستتولى إدارة قطاع غزة، والتي لم يتم حسم أمرها بعد بين حركتي «فتح» و«حماس». وأكد المسؤول أن «استمرار الوضع الراهن فلسطينياً أمر غير مقبول».

وعقب الاجتماعات مع ممثلي «حماس»، استضافت القاهرة لقاءً ضم الوسطاء الضامنين للاتفاق – باستثناء الطرف الأميركي -، وشارك فيه مدير المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن، ورئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين. وتركزت المباحثات على سبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، في ظل غياب أي خطط تفصيلية وخطوات محددة لذلك.

وفي ضوء تعثر الانتقال إلى المرحلة الثانية، تحدث مسؤول في وزارة الخارجية المصرية إلى «الأخبار» عن «إخفاق» في إنجاز ترتيبات انعقاد «مؤتمر إعادة إعمار غزة»، الذي كان مقرراً قبل نهاية الشهر الجاري، ما دفع القاهرة إلى تأجيله إلى موعد لاحق. وعزا المسؤول المصري هذا الإرجاء إلى «جمود الاتفاق» عند المرحلة الأولى، كاشفاً أن الاتصالات التي أجريت مع المانحين تركزت على ضرورة توفير ضمانات تتيح توظيف المنح المالية بطريقة آمنة، وتمنع تعرض مشاريع الإعمار لاستهداف من قبل إسرائيل. وأضاف أن «الرياض وأبو ظبي أبدتا استعداداً للمشاركة في المؤتمر، لكن من دون التزامات مالية مسبقة، إلى حين تحصيل الضمانات».

وفي السياق نفسه، تبدي القاهرة رفضاً قاطعاً للتوجه الإسرائيلي حيال ملف إعادة الإعمار، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى الترويج لفكرة بناء «تجمعات سكانية» في المناطق الواقعة شرق الخط الأصفر، وهي مناطق لا تزال تحتلها إسرائيل منذ بدء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار. وترى مصر أن هذا التوجه «لا يمكن القبول به»، مؤكدة أنه «لن يحظى بموافقة فلسطينية كونه يمثل خرقاً واضحاً للاتفاق الذي جرى توقيعه في شرم الشيخ».

وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية قد كشفت أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدفع نحو «إقامة مجمعات سكنية مؤقتة في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل شرق قطاع غزة، في محاولة لتوفير مأوى للفلسطينيين بعد التدمير الواسع الذي لحق بالبنية التحتية». ووفقاً للصحيفة، فإن هذه المجمعات، أو ما يطلق عليه المسؤولون الأميركيون اسم «مجتمعات آمنة بديلة»، يفترض أن يستوعب كل منها ما بين 20 إلى 25 ألف شخص، وأن تتضمن عيادات ومدارس وهياكل سكنية مؤقتة، على أن تقام بشكل عاجل في مناطق قليلة السكان، بعدما تم تفريغها بفعل العدوان. ويأمل المسؤولون الأميركيون أن تسهم هذه المجمعات في «تشجيع الفلسطينيين على الابتعاد عن مناطق سيطرة حركة حماس»، والانخراط في «برامج إعادة تأهيل فردية»، بالاستفادة مما تصفه واشنطن بـ «فرص أمنية واقتصادية أفضل». غير أن ذلك الطرح يلقى رفضاً واسعاً من الجانب الفلسطيني والمصري، كونه يعد التفافاً على جوهر الاتفاقات التي أقرت سابقاً بشأن مستقبل قطاع غزة، ومحاولة لتثبيت واقع احتلالي جديد تحت غطاء «إعادة الإعمار».

مشاركة المقال: