الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 10:51 AM

المرسوم 66: تصريحات متضاربة تعيد الجدل حول مصير المتضررين في دمشق

المرسوم 66: تصريحات متضاربة تعيد الجدل حول مصير المتضررين في دمشق

في 18 أيلول/سبتمبر 2012، أصدر نظام بشار الأسد ما عُرف بـ "المرسوم 66"، الذي قضى بإنشاء منطقتين تنظيميتين في دمشق تحت اسمي باسيليا سيتي وماروتا سيتي. آنذاك، قدم النظام هذا المرسوم كخطوة نحو "إعادة الإعمار"، لكن السنوات اللاحقة أظهرت أن آثاره كانت بعيدة كل البعد عن العدالة، وأنه تحول إلى أحد أكثر المراسيم إثارة للجدل في تاريخ العاصمة.

المناطق المشمولة، أولاً ولاحقاً:

شمل المرسوم في مرحلته الأولى بساتين الرازي، كفرسوسة، المزة، خلف مشفى الرازي وما حولها، ثم توسع لاحقاً عبر المخططات التنظيمية ليطال مناطق واسعة تحت مشروع باسيليا سيتي، ومنها، المتحلق الجنوبي، المهيْني، اللوان، نهر عيشة، القدم، العسالي.

تمثل هذه المناطق شريحة بشرية ضخمة من سكان دمشق وريفها، وتعيش اليوم في حالة "مصير مجهول"، لا تعرف ماذا ينتظرها ولا ما ستؤول إليه ملكياتها وبيوتها.

مرسوم انتقامي، لا مشروع تنظيمي:

يرى أهالي الأحياء المتضررة أن المرسوم لم يكن خطوة تطويرية بقدر ما كان إجراءً انتقامياً، حيث صدر بعد اشتعال الثورة في المزة وكفرسوسة وبساتين الرازي، وهي أحياء معروفة بنشاطها الثوري ضد النظام البائد منذ عام 2011.

كانت هذه المناطق من أكثر مناطق دمشق تصويراً للمظاهرات، كما شهدت اشتباكات مع قوات نظام الأسد ورفضاً واسعاً لسلطته، ومع تصاعد الغضب الشعبي، جاء المرسوم كردّ عقابي لإخلاء هذه الأحياء الثائرة وإعادة رسم خريطتها الديموغرافية.

اليوم، وبعد أكثر من 12 عاماً، ما يزال الأهالي يؤكدون أن بيوتهم هُدمت ومسحت من الوجود دون تعويض عادل، وأن النظام الذي وعدهم بسكن بديل "خلال فترة قصيرة"، تركهم بلا مأوى حتى الآن.

احتجاجات ما بعد سقوط النظام، وحقوق ما زالت ضائعة:

بعد سقوط النظام في دمشق، خرج أهالي الشهداء والمتضررون من المرسوم في وقفات احتجاجية عدّة، حملوا فيها ملفاتهم القديمة، وصور منازلهم المهدمة، كُتب عليها، لم نأخذ حقنا، ولم نُعَوَّض، ولم يُعَد لنا شيء من أرضنا، وأغلب هؤلاء يعيشون منذ سنوات في منازل مستأجرة بإيجارات مرتفعة، دفعوا خلالها ما يعادل قيمة أملاكهم مئات المرات، دون أن يحصلوا حتى اليوم على الجزء اليسير من حقوقهم.

محافظ دمشق يعترف، المرسوم 66 جريمة:

أدلى محافظ دمشق قبل أسابيع فقط بتصريحات غير مسبوقة، قال فيها بصراحة إن المرسوم 66 "جائر وظالم"، وإنه إرث من نظام بائد، معلناً في الوقت ذاته تجميد مشروع باسيليا سيتي، الأمر الذي أثار ارتياح المتضررون لتلك التصريحات، واعتقدوا أنها بداية طريق لاستعادة حقوقهم، لكن المفاجأة جاءت سريعاً، حيث سرعان ما صدرت ورقة رسمية موقّعة من محافظة دمشق تُعلن تشكيل لجنة جديدة "لحل النزاعات والعقبات في مشروع باسيليا سيتي".

أشعل هذا القرار حزن وقلق الأهالي الذين شعروا بأنهم أمام لعبة تضليل جديدة، وأن "التجميد" ليس سوى مناورة إعلامية، وتخشى اليوم آلاف العائلات المتضررة أن تلقى المصير ذاته الذي تعرضت له في مناطق المرسوم 66 سابقاً.

وذات المحافظ قال قبل أيام، "لا يمكن تطبيق مرسوم 66 على مناطق أخرى بعد التجربة السابقة"، فكيف يتم بعدها إنشاء لجنة تفعيل وحل نزاعات تخص المشروع ذاته؟، ولماذا لا يُصار إلى حلول واضحة، أو على الأقل استبيان علني يُطرح فيه رأي الناس — أصحاب الأرض والبيوت — ليقرروا مصيرهم بأنفسهم؟

حق الناس أولاً:

لا يمكن لأي مشروع أن يمرّ دون موافقة السكان، ولا يمكن الحديث عن تطوير أو تنظيم على حساب آلاف العائلات التي طُردت من بيوتها سابقاً وباتت مهددة مرة أخرى، فالناس تريد إجابات واضحة وقرارات عادلة نهائية عبر حلول علمية تحترم حقوقهم الملكية، لا عن طريق تعليق المصير دون ضمانات واضحة.

محمد مازن الدمشقي - زمان الوصل

مشاركة المقال: