الخميس, 27 نوفمبر 2025 11:51 PM

الربابة: ندوة تراثية في العدوي تستكشف تاريخ آلة النغم الشعبي وأنواعها

الربابة: ندوة تراثية في العدوي تستكشف تاريخ آلة النغم الشعبي وأنواعها

استضاف المركز الثقافي في العدوي ندوة تراثية بعنوان "الربابة سفيرة النغم الشعبي"، بمشاركة الدكتورة الشاعرة نجلاء الخضراء والعازف عايش الكليب، لتسليط الضوء على الربابة ودورها في سرد حكاية الوطن والتعبير عن الهوية والتراث العربي.

أوضحت الخضراء في تصريح لـ"الوطن" أن الربابة نشأت في قلب الصحراء كصوت يختزن ذاكرة الشعوب ويعيد تشكيل وجدانها، معتبرةً إياها نافذة على أرواح الأجداد ووثيقة حية تنطق بلسان الهوية وتروي حكاياتهم بنغمات تعبر عن الحزن والفرح والغربة والحنين.

وأكدت أن الدراسة المقدمة خلال الندوة تمثل رحلة في عمق الثقافة العربية، حيث تتجسد العلاقة بين الفن والذاكرة والصوت والهوية والتراث والحداثة، وذلك من خلال صوت الربابة الذي يربطنا بالماضي ويعيد إلى الأذهان صور الأجداد وأغاني السمر.

وأضافت أن الربابة كانت ولا تزال رفيقة البدوي في حله وترحاله، يحملها معه في الفيافي ويتبادل معها الحديث بلغة عربية معبرة وإيقاع جاذب، مشيرةً إلى أن أهل البادية يخصّون الربابة في مجالسهم ويعتبرونها أساسًا لا يقل أهمية عن القهوة العربية والسيف والحصان.

كما أشارت إلى مرافقة الربابة للمدّاحين ورواة السيرة الشعبية وفرق الفنون الفلكلورية والاحتفالات الصوفية والليالي الرمضانية، حيث تُروى الملاحم الشعبية والحكايات المحبوبة مثل قصة عنترة وأبي زيد الهلالي، وتكون حاضرة بقوة في الأعراس والأفراح الشعبية.

وختمت الخضراء حديثها بالتأكيد على دور الربابة في حفظ الذاكرة الشعبية، حيث توارثها الربابيون عن آبائهم وأجدادهم، وأن وترها الوحيد استطاع أن يعبر عن توحد الأرض العربية، وأنها خيار طبيعي وبيئي يحمل الصوت واللغة الواحدة.

من جانبه، استعرض مدير المسرح في الحسكة عايش الكليب أشكال الربابة وأنواعها وعناصرها المختلفة، مثل القوس والكراب والطارة والهيكل العام والمخدّة، مبيناً أن أنواعها تشمل الربابة المربعة والمدورة وذات شكل القارب والكمثرة ونصف الكروية والطنبورة وذات الصندوق المكشوف.

وتطرق إلى أصل الربابة، مشيراً إلى أن بعض المؤرخين يرون أنها مصرية الأصل، بينما يرى آخرون أن أصولها هندية. كما استعرض بعض القصص الشعبية التي تتحدث عن بدايات الربابة وفكرة صنعها وتطورها، مؤكداً أنها ذُكرت في كثير من الأعمال الأدبية العربية، مثل مجموعة الرسائل للجاحظ، وشرح الفارابي لها في أحد كتبه، وذكرها ابن خلدون في كتاباته، وأن المسلمين حملوها معهم عند فتح الأندلس، ومنها انتقلت إلى أوروبا.

وأكد الكليب أن عازف الربابة يتعلم العزف بالوراثة والتجريب، معتبراً إياها امتداداً لتاريخه وهويته، وأن صوتها مرآة لصراخه وتنهيداته، وأنها تقوم بترجمة ترددات قلبه إلى نغم يحمل مشاعره، مشيراً إلى أنها آلة للرجال فقط.

كما أوضح أن عازف الربابة يُطلق عليه اسم ربابي أو عازف الربابة أو المربرب أو القاصود، وأن صوتها يُسمى بالجرة، وهو وزن شعري ولحن موزون تجود معه قريحة الشاعر.

وبيّن الكليب كيفية العزف على الربابة، حيث يتم العزف في وضعية الجلوس على الأرض والربابة في حضن العازف تستند إلى فخذه بشكل رأسي مائل قليلاً نحو اليسار، ثم يبدأ بتحريك القوس على الوتر مع الضغط على الوتر باليد اليسرى لتغيير الصوت.

مصعب أيوب

مشاركة المقال: