يشهد نهر العاصي في سوريا حدثاً تاريخياً مأساوياً، حيث جف النهر بالكامل للمرة الأولى. هذا الجفاف يمثل سابقة خطيرة للشريان المائي الحيوي في البلاد، ويأتي في وقت حرج يتزامن مع بلوغ منسوب الاحتياطي في سد الرستن الحدود الدنيا، مما يفاقم المخاطر على الزراعة والبيئة المحلية.
وكانت وكالة «سانا» الرسمية قد حذرت قبل أشهر من أزمة بيئية وشيكة بسبب جفاف نهر الليطاني في سهل الغاب شمال غرب سوريا، حيث تحول النهر إلى أرض متشققة وبرك راكدة بعد أن كان مصدراً للحياة. وأصبح النهر الآن ساحة لمواجهة الجفاف والفقر.
ونقلت الوكالة عن أحد الصيادين من قرية قبر فضة قوله: «النهر لم يعد يغذينا… والجفاف ليس مجرد نقص ماء… هو موت لنمط حياة كامل». وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تظهر جفاف نهر العاصي بشكل كامل للمرة الأولى، وتداول ناشطون مشاهد لانحسار المياه نتيجة تراجع هطول الأمطار وانخفاض تدفق الينابيع المغذية للنهر.
يبلغ طول نهر العاصي حوالي 571 كيلومتراً، وينبع من سهل البقاع في لبنان، ويتدفق شمالاً عبر سوريا، قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط قرب مدينة السويدية في محافظة هاتاي بتركيا. ومن أهم المدن الواقعة على النهر حمص، وحماة، وجسر الشغور، وأنطاكية.
ومع انقطاع المياه، اضطر بعض المزارعين في ريف حماة إلى اللجوء لسقاية محاصيلهم من مجاري الصرف الصحي، مما زاد المخاطر الصحية وهدد جودة الإنتاج الزراعي، بحسب وسائل إعلام سورية.
يذكر أن نهر العاصي شهد تراجعاً كبيراً في جريانه قبل نحو 54 عاماً، إلا أن الجفاف الكامل الذي يشهده حالياً يعتبر سابقة تاريخية نظراً لدوره الحيوي في ري المنطقة. وقد أدى ذلك إلى تفاقم خسائر المزارعين وارتفاع كلفة الري، بالإضافة إلى تداعيات بيئية خطيرة طالت الغطاء النباتي والكائنات المائية.
وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، صدر تقرير أميركي يحذر من أن شرق المتوسط يواجه أسوأ موجة جفاف منذ عقود، مشيراً إلى أن سوريا هي الأكثر تضرراً في ظل تراجع حجم الأمطار وجفاف البحار والمحيطات وانقطاع المياه في المدن لأيام طويلة. (aawsat)