الإثنين, 1 ديسمبر 2025 11:16 AM

مخطط أمريكي إسرائيلي لتقسيم غزة: تفاصيل مشروع "الخط الأصفر" وتداعياته

مخطط أمريكي إسرائيلي لتقسيم غزة: تفاصيل مشروع "الخط الأصفر" وتداعياته

يوسف فارس: قام جيش الاحتلال خلال الأسبوع الماضي بتوسيع مساحة الأراضي الواقعة ضمن "الخط الأصفر"، حيث أزاح المكعبات الصفر مسافة 300 متر غرباً على امتداد المناطق الشرقية للقطاع. يأتي هذا التوسع في وقت نشر فيه العدو صوراً يزعم فيها بدء إزالة الركام من مدينة رفح، الخاضعة لسيطرته الكاملة، تمهيداً لإعادة إعمار المناطق التي تنشط فيها مجموعات العملاء. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المجموعات تسجل حضوراً متزايداً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يفوق حجمها الحقيقي من حيث العدد والإمكانات والشعبية.

إذا صح هذا التحرك، فإنه يمهد لتكريس واقع يقسم القطاع إلى جزءين: جزء شرقي يتبع مباشرة لجيش الاحتلال ومُقفر سكانياً، وجزء آخر غربي يتكدس فيه نحو مليوني إنسان، مصنف على أنه يقع تحت سيطرة حركة "حماس".

في هذا السياق، تحضر النقاشات حول "الخط الأصفر" بكثافة في إسرائيل، خصوصاً في ظل تعثر تطبيق جميع بنود خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. يخشى الإسرائيليون، مع غياب رؤية مكتملة لليوم التالي، من تحول هذه المناطق إلى نسخة مشابهة لمناطق "ج" في الضفة الغربية المحتلة، أي إلى "بؤرة توتر" من شأنها أن تبقي الاحتلال في حالة عدم استقرار. تتعزز تلك المخاوف مع تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن "القوة الدولية" المفترض نشرها في غزة قد لا تتشكل في المدى المنظور، بعدما رفضت عدة دول المشاركة فيها – كان آخرها أذربيجان التي تحفظت على إرسال جنودها خشية على حياتهم -، خصوصاً في ظل غموض المهمة المنوطة بها، علماً أنه يُفترض بها "حفظ الاستقرار والسلام وفرضه"، وفق الرؤية الإسرائيلية، وصولاً إلى المشاركة الفعلية في الصراع عبر المساهمة في نزع سلاح المقاومة.

تتفق تلك الرؤية مع محاولة استثمار قرار مجلس الأمن، لنقل كلفة الاحتلال من الجنود الإسرائيليين إلى "القوة الدولية"، وبالتالي تحويل المواجهة داخل غزة من صراع فلسطيني – إسرائيلي، إلى صراع بين الفصائل والشارع الغزي من جهة، و"المجتمع الدولي" من جهة أخرى.

تستغل المقاومة الوقت لنزع ما تبقى من ذرائع الاحتلال التي يضعها عائقاً أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية.

في ظل هذه التعقيدات، تتكشف المخططات الإسرائيلية المثيرة للقلق، وعلى رأسها مشروع بناء تجمعات سكنية مؤقتة داخل "المناطق الصفراء"، توفر خدمات أساسية من سكن وصحة وتعليم، على أن يقدم ذلك باعتباره "مرحلة مؤقتة" إلى حين وضع خطة إعادة إعمار القطاع. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد بدأت الفرق الهندسية العمل على إزالة الأنقاض والمخلفات العسكرية غير المنفجرة في تلك المناطق، تمهيداً لتحويلها إلى "تجمعات آمنة بديلة"، سيكون أولها في مدينة رفح التي سويت بالأرض تماماً. إلا أن تنفيذ ذلك المخطط يواجه تحديات كثيرة، لعل أبرزها كيفية "فرز" المواطنين ونقلهم إلى الأماكن الجديدة، مع المحافظة على "نقاء" ميول من سيقيمون في تلك التجمعات، وتصفية اتجاهاتهم المعادية لإسرائيل وعملائها. يضاف إلى ما تقدم، رفض العرب والجهات المانحة، حتى الآن، تمويل مخطط كهذا، كونه يعزز تقسيم القطاع لفترة طويلة، ويتيح تطبيق سيناريو غازتَين: "غزة شرقية" و"غزة غربية"، يفصل بينهما "خط أصفر" كأمر واقع.

كذلك، تفيد مصادر أمنية بوجود إدراك داخل بعض الدوائر بأن نزع سلاح "حماس" ليس هدفاً قابلاً للتحقيق، خصوصاً في ظل الاعتراف الضمني بصعوبة إزاحة الحركة من المشهد، من جهة، ورفض الولايات المتحدة العمل مع الميليشيات المسلحة، خاصة مجموعات "أبو شباب"، من جهة ثانية.

أمام هذه المعطيات، تواصل إسرائيل تعزيز حضورها في مناطق الخط الأصفر، رغم إعلان جيشها، أمس، اقتراب الانتهاء من تمشيط المناطق الواقعة تحت سيطرتها، بما يشمل مهمة تدمير الأنفاق والبنى التحتية التي كانت قد بنتها المقاومة على مدار سنوات. في المقابل، تستغل المقاومة الوقت لنزع ما تبقى من ذرائع الاحتلال التي يضعها عائقاً أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق؛ وهي كثفت، أمس، عمليات البحث عن جثامين القتلى المتبقية، في وقت تظهر فيه ميلاً إلى إبقاء الميدان هادئاً، أخذاً في الاعتبار أن السعي الإسرائيلي لاستغلال أدنى حدث ميداني للعودة إلى حرب الإبادة. كما تبدو المقاومة مطمئنة إلى أن الأدوات التي يستخدمها الاحتلال في صناعة الواقع الموازي داخل الخط الأصفر، ومن بينها مجموعات العملاء، تفتقر إلى أي قبول شعبي، ولا سيما بعدما أمعن جيش العدو في تعرية تلك المجموعات بنفسه، من خلال استخدامها في عمليات اختطاف وقتل الأهالي الذين حاولوا العودة إلى منازلهم القريبة من الخط الأصفر، إذ لم يكن من شأن ذلك إلا أن فاقم النبذ المجتمعي والعشائري لكل من يثبت تورطه في الانضمام إلى جيش العملاء.

أخبار سوريا الوطن ١-الأخبار

مشاركة المقال: