الإثنين, 1 ديسمبر 2025 03:03 PM

من سوبرماركت إلى بسطة خضار: قصة نزوح وكفاح أسعد المنصور في ريف السويداء

من سوبرماركت إلى بسطة خضار: قصة نزوح وكفاح أسعد المنصور في ريف السويداء

بعد أن كان يملك سوبرماركت في قرية المزرعة بريف السويداء، وجد أسعد المنصور نفسه اليوم يقف خلف بسطة لبيع الخضار والفواكه بعد النزوح. بصوت عالٍ، ينادي على بضاعته، متمنيًا أن يكسب ما يكفي لتغطية نفقات أسرته التي بدأت حياتها من جديد.

وسط السوق، ينادي "المنصور"، البالغ من العمر 36 عامًا، على أسعار الخضار والفواكه، داعيًا الزبائن للشراء على أمل تحقيق ربح يعوض بعض الخسائر ويلبي احتياجات أسرته. يعلم أن التعب أكبر بكثير مما يتوقعه، لكن لا مجال للتوقف، ولا بديل عن العمل بعد معاناة النزوح ومرارة فقدان الرزق وكل ما جمعه خلال سنوات.

منصور، وهو أب لطفلين، عمل لسنوات طويلة حتى أسس متجرًا كبيرًا بجانب الشارع العام في قرية المزرعة. نزح من القرية في الرابع عشر من تموز الماضي بعد الهجوم على القرية والاشتباكات بين القوات الحكومية والعشائر من جهة، والفصائل المحلية من جهة أخرى. تركها خوفًا على عائلته من الخطف والقتل، تاركًا متجره ومنزله لينهبا ويحرقا بالكامل، على حد تعبيره.

الشاب الذي فقد كل ما يملك، كان قبل النزوح قد وصل إلى مرحلة جيدة من الاكتفاء، وكان يخطط لبناء منزل أو شراء شقة سكنية. لكن في ذلك اليوم، خرج بما يرتديه فقط، ويضيف لـ"سناك سوري": «خرجنا دون حقيبة ملابس أو نقود، كان الهجوم شرسًا ولم نتمكن من اصطحاب أي شيء من مقتنياتنا، وما إن هدأت الأوضاع حتى باشرتُ البحث عن عمل، لأعود إلى نقطة الصفر بكل شيء، من تأمين المأكل والمشرب، إلى مسكن مفروش استأجرته وهو لا يفي بالحاجة».

واقع صعب يتحدث عنه الشاب، الذي يضطر للوقوف على البسطة من الثامنة صباحًا حتى المغيب لتلبية احتياجات أسرته الصغيرة. يعرف جيدًا أنه لا توجد فرصة أمامه لتعويض ما خسره، لكن الربح بالنسبة له اليوم يتمثل في الحصول على عمل، حتى وإن كان الإنتاج بسيطًا، فـ«شيء أفضل من لا شيء».

يعيش أسعد ظروفًا مختلفة تمامًا عن الأيام التي كان فيها صاحب متجر كبير استقر في قريته لسنوات طويلة، وأغناه ذلك عن السفر. لم يكن يتخيل أنه سيجد متجره كومة رماد، وأنه لن يسمح له حتى بجمع ما تبقى من رماده، ولا بالبقاء في منزله أو الحفاظ على أي شيء مما تبقى. حاله كحال الآلاف من أبناء الريفين الغربي والشمالي الذين فقدوا الأمان والاستقرار بخسارة أرزاقهم وأعمالهم، ولا أمل يلوح في الأفق للعودة.

وفيما تدخل أزمة النزوح لأهالي الريفين الغربي والشمالي شهرها الخامس، يكون الأهالي قد استهلكوا كل ما لديهم في تأسيس أعمال جديدة متواضعة، أو في تأمين مسكن مقبول إلى جانب الأغطية والفرشات ومستلزمات الحياة التي كانوا يمتلكونها كلها. ومع قدوم فصل الشتاء وبرودة الطقس، تزداد الاحتياجات التي لا يمكن لبسطة صغيرة أو عمل بسيط أن يؤمنها.

مشاركة المقال: