الثلاثاء, 2 ديسمبر 2025 08:30 PM

مدونة سلوك الداخلية تريح رجال الأعمال: خطوة نحو منع الابتزاز وتعزيز الثقة

مدونة سلوك الداخلية تريح رجال الأعمال: خطوة نحو منع الابتزاز وتعزيز الثقة

لطالما عانى أصحاب الأعمال والقطاع الخاص لسنوات من ممارسات مرهقة من قبل بعض الجهات التابعة لوزارة الداخلية سابقاً. شملت هذه الممارسات الإتاوات والابتزاز، بالإضافة إلى التدخل غير القانوني في حركة الشحن والتجارة والنقل، والابتزاز تحت غطاء قانون التعامل بغير الليرة السورية. لم تكن هذه الممارسات مجرد أخطاء فردية، بل ألقت بظلالها على مناخ الاستثمار، وضربت الثقة بين الدولة ورجال الأعمال، وأنتجت اقتصاداً موازياً يعيش على الخوف بدلاً من القانون.

يُعد قرار وزارة الداخلية بإصدار مدونة السلوك خطوة تتجاوز مجرد التنظيم الإداري. إنها خطوة نحو استعادة الثقة وإعادة تعريف العلاقة بين الدولة وقطاع الأعمال على أساس المهنية والقانون، وليس على أساس القوة والنفوذ. تمثل المدونة بارقة أمل لقطاع اقتصادي أنهكته الفوضى الأمنية، حيث تضع خطوطاً واضحة لسلوك رجال الشرطة، وتلزمهم بضوابط تحترم المواطن وتحمي التاجر، وتمنع أي تدخل خارج الإطار القانوني.

لا تكمن أهمية هذه الخطوة في نصوصها فحسب، بل في التغييرات التي يمكن أن تحدثها إذا تم تطبيقها بصرامة. فبيئة الأعمال لا تُبنى بالقرارات وحدها، بل بالممارسات اليومية التي يشعر بها المواطن وصاحب المنشأة في كل معاملة، وفي كل نقطة تفتيش، وفي كل حركة نقل أو تخليص.

اليوم، توجد فرصة حقيقية لتأسيس مرحلة جديدة من الشفافية والنزاهة، يتعامل فيها رجل الأعمال مع مؤسسات الدولة بثقة، دون خوف من "تكاليف إضافية" تُفرض عليه خارج القانون، ودون الحاجة إلى التفاوض مع جهات غير مخولة. إذا نجحت الداخلية في تحويل هذه المدونة إلى سلوك فعلي، فإننا أمام تحول جذري قد يعيد للقطاع الخاص شيئاً من الأمان المفقود، ويخلق بيئة استثمارية مشجعة قادرة على جذب رؤوس الأموال المهاجرة، ويمنح الاقتصاد السوري فرصة لاستعادة أنفاسه.

الطريق لا يزال طويلاً، لكن البداية صحيحة، ويبقى الرهان على التنفيذ، وعلى أن تتحول هذه المدونة من نص مكتوب إلى سلوك دولة. بقلم: محمد راكان مصطفى.

مشاركة المقال: