أعلنت وزارة الداخلية السورية عن إلقاء القبض على المشتبه به الرئيسي في جريمة بلدة زيدل بريف حمص، والتي وقعت في 23 تشرين الثاني الماضي، وراح ضحيتها رجل وزوجته.
وذكر المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، خلال مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء 3 كانون الأول، أن فرق التحقيق قامت بتوسيع دائرة الاشتباه خلال الأيام الماضية، مما ساهم في تحديد هوية المشتبه به وتوقيفه.
وبحسب البابا، فإن القاتل هو محمد الحميد بن خليفة، من مواليد 1999، وهو يتعاطى مادة "الكريستال ميث" المخدرة. وأفادت الداخلية بأن المتهم يرتبط بصلة قرابة مباشرة بالمغدور، كونه ابن شقيقة الزوج. وأوضح المتحدث أن دوافع الجريمة كانت السرقة، حيث استغل الجاني معرفته بالضحيتين ودخوله المعتاد إلى منزلهما، وعندما اكتشف أمره، قام بقتلهما، ثم كتب عبارات طائفية بدم أحدهما بهدف تضليل التحقيق، قبل أن يشعل النار في المكان لإخفاء الأدلة.
وأشار المتحدث باسم الوزارة إلى أن فريق البحث الجنائي، من خلال تحليل مسرح الجريمة وجمع الأدلة، تمكن من رصد خيوط قادت إلى المشتبه به، الذي اعترف اعترافًا كاملاً بما ارتكب، وسيتم عرض اعترافاته مسجلة بالصوت والصورة أمام الرأي العام.
كما أوضح البابا أنه تم توقيف أكثر من 120 مشتبهًا بالتورط في أعمال شغب أو إساءة أعقبت وقوع الجريمة. وفيما يتعلق بعملية القتل، فقد توصلت التحقيقات إلى شخص واحد، وإذا كان هناك مشتبه بهم آخرون، فإن التحقيقات الموسعة والقضاء سيحددان درجة تورط كل منهم.
وفيما يخص موضوع التعويضات، ذكر البابا أنه سيناقش لاحقًا، ويحق للمواطنين المتضررين رفع دعوى قضائية بهذا الخصوص. وخلال المؤتمر، قدمت الوزارة التعازي لذوي الضحيتين، ودعت إلى "عدم استغلال الجريمة لإثارة التوتر"، مشيدة بـ"وعي أهالي حمص وحرصهم على النسيج الاجتماعي".
وشددت الداخلية على رفضها للأفعال "الخارجة عن القانون" التي رافقت الحادثة، متعهدة بمحاسبة كل من يثبت تورطه بزعزعة الاستقرار أو إثارة النعرات. ودعت وسائل الإعلام والمواطنين إلى "تحري الدقة" في تداول المعلومات والاعتماد على المصادر الرسمية.
يذكر أن أبناء قبيلة بني خالد، وهم من أقرباء الضحية، شنوا هجومًا على أحياء "المهاجرين" و"المضابع" و"الأرمن" في مدينة حمص، مما تسبب بخسائر مادية، مثل حرق وتكسير السيارات، وعمليات نهب، وإشعال النار في الطرقات، وهجوم على المدنيين، وذلك في إطار عملية انتقام لمقتل الزوجين.
وردًا على أسئلة الصحفيين، قال البابا إن ظاهرة السلاح المنفلت في "تناقص واضح" منذ سقوط النظام في كانون الأول 2024، وإن الوزارة تسعى جاهدة لإيجاد حل لهذه المسألة، وسيكون هناك تشديد في القوانين التي تستهدف من يسيء استعمال السلاح في غير موضعه.
ماذا حدث؟
عثرت قوات الأمن الداخلي على رجل وزوجته مقتولين داخل منزلهما، مع وجود شعارات طائفية بدم المجني عليهما، في بلدة زيدل جنوب مدينة حمص، في 23 تشرين الثاني الماضي. وقال قائد الأمن الداخلي في محافظة حمص، مرهف النعسان، حينها إن البلدة شهدت جريمة قتل بحق رجل وزوجته داخل منزلهما، وحرق جثة الزوجة، كما وجدت في موقع الجريمة عبارات تحمل طابعًا طائفيًا، ما يشير إلى محاولة لبث الفتنة بين الأهالي.
وباشرت الجهات المختصة فور تلقي البلاغ جميع الإجراءات القانونية اللازمة، بما في ذلك تطويق مكان الحادث، وجمع الأدلة، وفتح تحقيق موسع لكشف ملابسات الجريمة، وتحديد هوية الجناة وملاحقتهم لتقديمهم إلى القضاء المختص. ونقلت قناة "الإخبارية" الحكومية حينها عن مصدر أمني قوله إن الجريمة في بلدة زيدل "مركّبة بين القتل ومحاولات إشعال فتنة"، داعيًا الجميع إلى الالتزام بسيادة القانون.
وأفاد ناشط من مدينة حمص، فضل عدم نشر اسمه لأسباب أمنية، عنب بلدي في وقت سابق أن الزوج المقتول من أبناء قبيلة بني خالد، التي تتبع لعشيرة الناصر، الأمر الذي أدى إلى هجوم من قبل أبناء عشائر البدو على أحياء "المهاجرين" و"المضابع" و"الأرمن" في مدينة حمص. وأكد الناشط وجود إصابات إثر الهجوم على الأحياء المدنية، مع انقطاع المواصلات بشكل عام في الأحياء، مع تدخل قوى الأمن الداخلي لضبط الموقف، وفرضها حظر تجول في الأحياء التي هُجم عليها.
وأضاف المصدر الأمني: "أعدنا الاستقرار إلى المنطقة التي شهدت اضطرابات في مدينة حمص والأهالي قابلوا الانتشار الأمني بارتياح وتعاون". وباشرت الأجهزة الأمنية، وفق المصدر، إجراء "تحقيقات مكثفة" لتحديد هوية الفاعلين وملاحقتهم وتقديمهم للقضاء.
وأصدرت عشيرة بني خالد بيانًا بعد الحادثة أدانت فيه الجريمة التي لحقت بالزوجين واصفة إياها بـ"البشعة". وطالب البيان الجهات المختصة بـ"القيام بدورها بالكشف عن المجرمين وسوقهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل"، معتبرًا أن استخدام العبارات الاستفزازية في سياق الجريمة يوضح أن الهدف منه هو "إشعال الفتنة وجر المنطقة لتوترات أمنية وأحداث شرخ مجتمعي".
وأعلن البيان الوقوف مع "مسار الدولة وما أعلنت عنه من إجراءات"، حيث نأت القبيلة بنفسها عن جر أبنائها لـ"هذه الفتنة". ودعا البيان أبناء محافظة حمص إلى "الالتزام وضبط النفس والامتثال التام لما يصدر من تعميمات عن الجهات المختصة"، مشددًا على ضرورة "الحفاظ على السلم الأهلي وحق الجوار والابتعاد عن التجييش بأشكاله كافة".