الخميس, 4 ديسمبر 2025 10:23 AM

خطر يهدد الشباب: انتشار المكملات والهرمونات في الصالات الرياضية بغياب الرقابة

خطر يهدد الشباب: انتشار المكملات والهرمونات في الصالات الرياضية بغياب الرقابة

أفادت مريم إبراهيم بأن مشهد انتشار المكملات الغذائية والهرمونات ومشروبات الطاقة في الأندية الرياضية أصبح مألوفاً لدى الكثير من الشباب، حيث أصبحت جزءاً من روتينهم اليومي وليس مجرد أدوات مساعدة. ومع تزايد الرغبة في بناء عضلات بارزة أو الحصول على جسم مثالي بسرعة، يعرض العديد من الشباب صحتهم للخطر نتيجة الاستخدام العشوائي لهذه المنتجات التي تباع في الأسواق والأندية دون رقابة طبية أو شروط واضحة.

قامت صحيفة الثورة السورية بجولة ميدانية في عدد من الأندية الرياضية في دمشق، في مناطق نظامية وعشوائية، وكشفت أن الفئة العمرية بين 15 و30 عاماً هي الأكثر استهلاكاً للمكملات الغذائية، بالإضافة إلى الهرمونات ومشروبات الطاقة، حيث يرون فيها طريقاً مختصراً للحصول على "جسم الأحلام"، حتى لو كان ذلك على حساب صحتهم.

في أحد أندية التضامن، ذكر الشاب شادي محسن أنه اعتاد على تناول الفيتامينات ومشروبات الطاقة منذ بداية تدريباته، معتبراً أنها تمنحه "قوة إضافية" وبناء أسرع للعضلات. شادي، كغيره من الشباب، لا يرى في ذلك ضرراً طالما يشعر بالنشاط، ويؤكد أن مشرفي التدريب يطمئنونه بأن الأمر طبيعي. هذا الاطمئنان، الذي يعتمد على انطباعات شخصية وليس على معرفة طبية، ساهم في انتشار الظاهرة، حتى أصبح عدد كبير من المتدربين يستهلكون المكملات والهرمونات دون وعي بتركيبها وتأثيراتها الجانبية.

في بعض النوادي، تتكدس عبوات بروتين مختلفة، وأحماض أمينية، ومحفزات ما قبل التمرين، وكبسولات حارقة للدهون، ومنتجات غير مرخصة تباع للشباب بسهولة. ويدفع الطلب المتزايد البعض إلى البحث عن "الأقوى" مهما كان مصدره، مما يجعلهم عرضة لمنتجات مجهولة قد تصل إلى حد الإدمان النفسي والعضوي.

عدي الناصر، طالب جامعي، يؤكد أنه لم يحقق تقدماً حقيقياً في تدريبه إلا بعد استخدام بروتين مستورد نصحه به صديقه، ويصف التغيير في شكل جسمه بأنه "سريع ولافت"، مما دفعه للاستمرار رغم جهله بالآثار الجانبية المحتملة.

واقع خطر

أظهرت آراء الشباب أن معظمهم يعتمد على التجربة والنصيحة المتناقلة، وليس على المعرفة العلمية، ويخلطون بين المكملات الغذائية التي يحتاجها الجسم وفق ضوابط دقيقة، وبين الهرمونات المصنفة طبياً والتي لا يجوز تداولها إلا بوصفة خاصة. ولكن في الواقع، أصبحت الهرمونات "تجارة خفية وخطر صامت" كما يصفها المدرب وطالب الطب، سقراط سلوم.

يؤكد سلوم أن عدداً كبيراً من المتدربين في رياضات القوة، وخاصة بناء الأجسام والفنون القتالية، باتوا يعتمدون على الهرمونات لأنها تمنحهم كتلة عضلية ضخمة وأداء أعلى خلال فترة قصيرة، لكنه شدد على أن الفائدة مؤقتة، وأن الضرر طويل الأمد قد يصيب القلب والكبد والجهاز الهرموني.

معظم هؤلاء الشباب، كما يقول سلوم، يستخدمون الهرمونات بلا إشراف طبي ويجهلون أنها قد تسبب اضطرابات عصبية ونفسية، إضافة إلى تأثيرات دائمة على الغدد، خصوصاً لدى المراهقين الذين لا تزال أجسامهم في طور النمو.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور سامر قصار أن انتشار المكملات والهرمونات بين الشباب تجاوز الحدود الطبيعية، مشدداً على أن الاستخدام الطبي المنضبط لا مشكلة فيه، بينما الاستخدام الشائع في سوريا يتم غالباً بلا رقابة وبلا دراية بالمخاطر. ويشير إلى ضرورة تكثيف التوعية الإعلامية والندوات التثقيفية، لأن الاقتناع الذاتي لدى الشاب هو العامل الأساسي الذي يحدد استعداده للتوقف عن استخدام هذه المواد.

من جانبها، توضح الدكتورة حلا محمد أن الهرمونات تسبب اضطرابات طويلة الأمد في التوازن الهرموني، وقد تؤثر على الخصوبة والصحة النفسية والنمو الجسدي، مضيفة أن مشروبات الطاقة، رغم انتشارها، لا تقل خطورة، لأنها تمنح "قوة لحظية" تليها حالة هبوط حاد وإرهاق للقلب والجهاز العصبي، وهي غير مناسبة إطلاقاً للاستخدام أثناء التمارين الشاقة. كما أكدت محمد أن سهولة شراء هذه المنتجات من الأسواق والنوادي دون رقابة جعلها في متناول الرياضيين الصغار، ما يزيد من احتمالات تعرضهم لمضاعفات خطيرة.

تشريعات قيد العمل

وعن دور وزارة الصحة، يوضح الدكتور قاسم بلوط، المنسق الصحي في الوزارة، أن المكملات الغذائية والهرمونات المستخدمة في الأندية ترتبط بمخاطر تشمل أمراض القلب وارتفاع الضغط ومشاكل الكلى وتخلخل التوازن الهرموني، مشيراً إلى أن معظم هذه المواد متاحة في السوق من دون وصفة طبية، ما يسهّل إساءة استخدامها.

وبحسب بلوط، فإن الدراسات التي أجريت في سوريا والدول المجاورة تكشف أن ما بين 35 و50% من رواد الصالات الرياضية يستخدمون مكملات غذائية، وأن أغلبهم يعتمد على معلومات غير طبية مصدرها الإنترنت أو الأصدقاء أو المدربون، كما أن أكثر من نصف المتدربين لم يستشيروا مختصاً صحياً قبل البدء باستخدامها.

ويؤكد بلوط أن وزارة الصحة تعمل حالياً على إعداد تشريعات تنظم بيع هذه المواد وصرفها، إلى جانب إعداد برامج تثقيفية لزيادة وعي المتدربين بالاستخدام الصحيح، داعياً إلى تعزيز دور اختصاصيي التغذية والمشرفين الصحيين داخل الصالات الرياضية.

وبين المكملات مجهولة المصدر، والهرمونات المهربة، ومشروبات الطاقة التي تباع بلا رقابة، يجد الشباب أنفسهم أمام مفترق طرق، إما صحة مستدامة، أو نتائج سريعة يدفعون ثمنها لاحقاً، ويبقى السؤال مطروحاً بقوة، هل تتحرك الجهات الصحية والرياضية والرقابية لوضع حدّ لهذا الخطر المتصاعد، أم يستمر بعض الشباب في اختبار أجسادهم بوسائل محفوفة بالمخاطر؟

اخبار سورية الوطن 2_الثورة

مشاركة المقال: