الجمعة, 5 ديسمبر 2025 03:01 PM

سوريا الجديدة على مفترق طرق: صراع الرؤى بين ترامب ونتنياهو وتأثيره على مستقبل البلاد

سوريا الجديدة على مفترق طرق: صراع الرؤى بين ترامب ونتنياهو وتأثيره على مستقبل البلاد

جورج عيسى - يظهر تناقض لافت، فسوريا الجديدة تبدو في آن واحد نتيجة وانتصار لإسرائيل على إيران.

في أغسطس الماضي، صرح الرئيس السوري أحمد الشرع بأن بلاده لن تنضم إلى اتفاقات أبراهام بسبب استمرار احتلال إسرائيل للجولان. هذا التصريح، الذي صدر عن رئيس لم يمض على توليه السلطة سوى أقل من عام، يعكس مدى سرعة التطورات والتوقعات في سوريا.

كرر الشرع موقفه في نوفمبر، لكنه أشار خلال وجوده في الولايات المتحدة إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب قد تساعد في الوصول إلى هذا النوع من المفاوضات.

ذكرت وكالة رويترز في بداية الشهر الماضي أن واشنطن تعمل على إنشاء قاعدة عسكرية في دمشق بهدف مساعدة سوريا وإسرائيل على التوصل إلى اتفاق أمني. وفي 27 نوفمبر الماضي، دعت كارميت فالنسي من معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب إلى استغلال فرصة الاتفاق، معتبرة أن إقامة علاقات مع الحكومة السورية سيدفعها إلى تبني سلوك "إيجابي" مع تقليص للدور الإيراني.

بعد ساعات من نشر مقالها، أعلنت إسرائيل عن شن غارة في بيت جن السورية ضد عناصر من "الجماعة الإسلامية". وبينما يسعى الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفتح صفحة جديدة بين دمشق وتل أبيب ليؤكد أنه صانع صفقات، يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لديه رؤية أخرى، أو ربما لا يملك رؤية واضحة.

في سوريا، أصبحت إسرائيل تشبه روسيا بعد عام 2016. فقد تمكنت موسكو من كسب الحرب، لكنها لم تستطع تحويل هذا الانتصار إلى مكسب سياسي. واليوم، تتمتع إسرائيل بحرية حركة شبه مطلقة في سوريا، لكنها قد لا تملك تصوراً واضحاً لكيفية الاستفادة سياسياً من هذه الحرية.

يبدو أن إسرائيل تتجاهل احتمال إغضاب ترامب بسبب غاراتها المتكررة على سوريا. ووفقاً لـ "جيروزاليم بوست"، كان الهدف من الغارة على بيت جن هو "منع المجموعات الجهادية من ترسيخ نفسها في الجيوب غير المحكومة من جنوب سوريا". لكن الكمين الذي استهدف الجنود الإسرائيليين المنسحبين (وأوقع ستة جرحى منهم)، وتسبب في سقوط ضحايا مدنيين بنيران المقاتلات، حوّل العملية إلى "قضية دبلوماسية" واسعة.

كتب ترامب يوم الاثنين على "تروث سوشل" أن "من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على حوار حقيقي وقوي مع سوريا، وألا يحدث شيء يتدخل في تطور سوريا إلى دولة مزدهرة". وأعلن دعمه "العمل الجاد" الذي يقوم به الشرع لتحقيق الاستقرار في سوريا. ودعا نتنياهو إلى زيارة البيت الأبيض، علماً بأن الدعوة قد تهدف إلى إسماعه ما لا يعجبه، كما حصل في أبريل الماضي.

من جهته، اتهم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، خلال جلسة مغلقة للجنة الدفاع والشؤون الخارجية في الكنيست، قوى عدة بالعمل في سوريا، من ضمنها مقاتلون حوثيون. إذن، لا تزال آفاق التصعيد قائمة.

لكن نتنياهو قال يوم الاثنين إن إسرائيل راغبة في التوصل إلى اتفاق أمني بشرط وجود "حسن نيّة". وأضاف أن من شروط ذلك إقامة منطقة منزوعة السلاح من دمشق حتى جبل الشيخ. ومن بين العقبات التي برزت أخيراً أمام اتفاق أمني رغبة إسرائيل في تأسيس "ممر إنساني" يربط الجولان بمحافظة السويداء. وتخشى تل أبيب أن يجبرها ترامب على التخلي عن القمة السورية من جبل الشيخ بعدما احتلتها أواخر 2024.

يكمن جوهر المشكلة في تباين النظرتين الأميركية والإسرائيلية تجاه سوريا، حيث نادراً ما تتفقان. يطمح ترامب في أن تتيح إسرائيل للشرع ترسيخ سلطته بسرعة، بهدف منع انزلاق سوريا إلى حرب أهلية، بينما يفضل نتنياهو التحرك داخل الأراضي السورية لضرب "الأخطار" في مهدها.

يسعى نتنياهو لإقناع ترامب بأن أمن إسرائيل يبدأ من داخل سوريا، بينما يهدف الرئيس الأميركي إلى إعادة إسرائيل إلى استراتيجية الردع بدلاً من الاستباق. وبين رهان ترامب على قوته في مواجهة الحليف الأصغر، ورهان نتنياهو على هشاشة اهتمامات ترامب بالقضايا الخارجية، تجد سوريا الجديدة نفسها أمام مفترق طرق خطير.

مشاركة المقال: