الجمعة, 5 ديسمبر 2025 09:53 PM

حماة تحتفل بالذكرى الأولى للتحرير بمظاهرة مليونية تجسد آمال المستقبل

حماة تحتفل بالذكرى الأولى للتحرير بمظاهرة مليونية تجسد آمال المستقبل

شهدت مدينة حماة يوم الجمعة احتفالاً ضخماً، وصفته وسائل إعلام محلية بأنه الأكبر منذ التحرير. غصت ساحة العاصي بآلاف المدنيين القادمين من مختلف أحياء المدينة وريفها، في مشهد استعاد ذكريات المظاهرات التي شهدتها المحافظة في بداية الثورة عام 2011.

أفاد مراسل موقع سوريا 24 بأن الساحة امتلأت منذ الصباح الباكر بحشود من أهالي حماة وقراها، رافعين الأعلام واللافتات، ومرددين هتافات تعبر عن فرحتهم بعودة مدينتهم بعد سنوات من القمع. وأشار المراسل إلى أن المشهد يذكر بما حدث في الساحة نفسها قبل أربعة عشر عامًا، قبل أن يقمع النظام تلك التحركات بعنف.

مشاهد من الاحتفال وشهادات المشاركين

شارك خالد الحسين في المسيرة القادمة من قريته نحو ساحة العاصي، معبرًا عن سعادته بالنصر. وقال لموقع سوريا 24 إن هذا اليوم يحمل رمزية خاصة، موضحًا أن هذه هي المرة الأولى التي يتمكن فيها الأهالي من الاحتفال بحرية ودون رقابة أو إجبار. وأكد أن خروجهم من ريف حماة إلى مركز المدينة هو تعبير صادق عن فرحتهم، ورسالة بأن النصر يكتسب معناه الحقيقي عندما يكون صادرًا من الناس ولأجلهم.

أما أحمد الروح، فيرى أن احتفال اليوم يعادل فرحة التحرير نفسها، حيث شهدت المدينة في مثل هذا اليوم من العام الماضي بداية حياة جديدة بعد عقود من الظلم في عهد الأسد الأب والابن. وأضاف أن هذه المناسبة تمثل لحظة فارقة، لأنها المرة الأولى التي يتمكن فيها الأهالي من استذكار شهدائهم بحرية، واستحضار الممارسات التي كانت تُرتكب بحقهم. وأكد أن مشاعر الناس اليوم لا يمكن وصفها بالكلمات.

بدوره، أكد علي الحسين من عين الكروم بريف حماة الغربي أن الاحتفال لا يخص فئة أو طائفة معينة، بل يستهدف كل السوريين الذين عانوا من ظلم النظام. وأشار إلى أن ساحة العاصي باتت رمزًا لكل من عاش سنوات القهر والاستبداد، وأن مشهد اليوم يعكس شعورًا عامًا بأن عهد الظلم قد انتهى.

يوم التحرير والمعارك التي سبقت السيطرة على المدينة

يأتي هذا الاحتفال بعد عام على إعلان تحرير حماة، الذي تحقق عقب سلسلة من العمليات العسكرية التي بدأت من الريف الشمالي قبل أن تمتد نحو محاور أكثر حساسية مثل صوران، وصولًا إلى المعركة الحاسمة في جبل العابدين. وتشير تقارير بحثية وتحليلات مفتوحة المصدر إلى أن السيطرة على الريف الشمالي أدت إلى تفكيك الخطوط الدفاعية الأولى للنظام، فيما شكّل محور صوران نقطة تحوّل، لأن خسارته قلّصت قدرة النظام على حماية المدينة. أما معركة جبل العابدين، فكانت الأكثر تأثيرًا، إذ مثّل الجبل قاعدة نارية وتحصينية متقدمة للنظام، وكان سقوطه بمثابة انهيار شبه كامل لمنظومته الدفاعية، ما سهّل دخول القوات المهاجمة إلى حماة وإنهاء الوجود العسكري للنظام داخلها.

حماة بعد عام على التحرير

تشهد المدينة منذ التحرير حركة واسعة لإعادة الإعمار، شملت إعادة تشغيل المؤسسات الخدمية الأساسية، وعودة تدريجية للمهجّرين إلى أحيائهم، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع لإصلاح الطرق والبنية التحتية المتضررة. كما استعادت الأسواق التقليدية جزءًا من نشاطها التجاري، وبدأت مبادرات مدنية بإحياء الحياة الثقافية والاجتماعية، في وقت تعمل فيه السلطات المحلية على وضع خطة تنموية شاملة لإعادة إعمار المدينة وتعزيز استقرارها.

يُظهر مشهد الاحتفال في ساحة العاصي أن حماة تستعيد مكانتها تدريجيًا، وأن ذاكرتها الجماعية — بدءًا من مظاهرات 2011 وصولًا إلى معارك التحرير — لا تزال حاضرة في وجدان أهلها. ويؤكد المشاركون أن يوم التحرير لم يعد مجرد ذكرى، بل بات محطة تُعبّر عن مرحلة جديدة يسعى أبناء المدينة فيها إلى بناء مستقبل مختلف، قائم على الحرية ووحدة المجتمع واستعادة الحقوق بعد سنوات طويلة من القمع.

مشاركة المقال: