السبت, 6 ديسمبر 2025 09:22 PM

عودة الصحافة الورقية في سوريا: "الثورة السورية" بحلة جديدة تعيد ذكريات القراءة

عودة الصحافة الورقية في سوريا: "الثورة السورية" بحلة جديدة تعيد ذكريات القراءة

باسمة اسماعيل: في زمن سيطرت فيه الشاشات على تفاصيل الحياة، تعود الصحافة الورقية لتؤكد وجودها من جديد، حاملة معها عبق الماضي وسحر الكلمة المطبوعة، وذلك عبر إصدار صحيفة الثورة السورية بحلة ورقية متجددة. وقد تزامن هذا الإصدار مع الذكرى السنوية الأولى لعيد التحرير، مما أعطاه أهمية خاصة كحدث إعلامي انتظره محبو الصحف الورقية.

إحياء لعادة يومية محببة

شهد الوسط الإعلامي السوري عودة ملحوظة للصحافة الورقية مع إصدار عدد جديد من صحيفة الثورة السورية، بعد توقف عن الطباعة لسنوات. واعتبر الكثيرون هذه الخطوة إحياء لعادة يومية محببة، وقد جاءت في وقت يحمل دلالة وطنية، مما منحها زخماً إضافياً وفتح المجال لنقاش واسع حول أهمية الصحافة الورقية ومكانتها المستمرة رغم التطور الرقمي السريع.

عودة بلمسة من الماضي

وفي حديث لـ "الحرية"، عبّر الصحفي والفنان الكاريكاتيري جورج إبراهيم شويط – عضو اتحاد الصحفيين العرب بأمريكا- عن سعادته بهذه العودة بعد انقطاع دام أكثر من خمس سنوات. واعتبر أن إطلاق جريدة الثورة السورية بالتزامن مع عيد التحرير حدثاً إعلامياً مهماً طال انتظاره، خاصة من قبل أولئك الذين عاصروا ولمسوا هيبة ووقار ومتعة وسحر القراءة في الصحف والمجلات الورقية. وأكد أن لعالم الورق جاذبية لا تتوفر في الوسائط الرقمية الحديثة.

ويرى شويط أن صدور الجريدة بحلة جديدة يعيد البريق لتجربة القراءة الورقية التي رافقت أجيالاً كاملة، معبراً عن أمله في أن تستمر جريدة الثورة السورية في تقديم صورة مشرقة عن الإنجازات الوطنية في المجالات الخدمية والاقتصادية والتعليمية والصحية والثقافية وغيرها.

عودة نبض الكلمات

وفي تصريح لـ "الحرية"، وصفت الكاتبة أمل حورية، رئيس مكتب مجلة المعلم العربي باللاذقية، هذا الحدث بأنه عودة لنبض الكلمات بين يدي القارئ، مشيدة بالبعد الحميمي للصحيفة الورقية التي كانت ترافق الكثيرين مع فنجان القهوة وصوت المطر، مستعيدة ذكريات الأجيال التي تربت على رائحة الحبر وتقليب الصفحات. واعتبرت أن الجريدة الورقية ليست مجرد وسيلة إخبارية، بل "طقس يومي" ورافعة للوعي الوطني، لما تتمتع به من ثقة ومباشرة في نقل الأخبار.

ودعت حورية إلى أن تلعب الصحيفة دور السلطة الرابعة في كشف الأخطاء وتصويب المسار، مؤكدة أن حمل الصحيفة لاسم "الثورة السورية" يمنحها بعداً رمزياً يذكر بتضحيات الوطن وأبنائه.

توثيق للأجيال القادمة

من جهته، أوضح الإعلامي مؤتمن حداد صاحب صفحة اللاذقية بيتنا، في حديثه لـ "الحرية" أن توقيت الإصدار الجديد "اختيار موفق" يتزامن مع احتفالات التحرير، مؤكداً أن الصحافة الورقية تمثل أرشيفاً حقيقياً للأجيال المقبلة. ويرى حداد أن العدد الأول بصيغته الجديدة يعد مرجعاً مهماً لتوثيق أهم الأحداث المعاصرة، مشيراً إلى أهمية تعميم هذه الخطوة على بقية الصحف السورية لتعزيز حضور الورق في المشهد الإعلامي.

آراء المواطنين

إلى جانب الأصوات الإعلامية والكتاب، عبّر العديد من المواطنين الذين التقتهم "الحرية" عن سعادتهم بعودة الجريدة الورقية، كلّ من زاويته الخاصة. أبو محمد، موظف متقاعد، قال: كبرنا مع صوت تقليب الورق كل صباح، هذه العودة تعيد إلينا جزءاً من ذاكرتنا الجميلة، الشاشة لا تعطيك الشعور نفسه ولا دفء الصفحة بين يديك. رنا معلمة لغة عربية، أشارت إلى أن الجريدة الورقية تمنحها ثقة أكبر في المعلومات، فحينما أقرأ صحيفة ورقية، أشعر بأنني أمام مصدر واضح ومسؤول، الورق لا يمرر الأخبار بلا تدقيق. أما الطالب الجامعي محمود، عبر بكلمات جميلة: لم أكن من جيل الصحف الورقية، لكنني أحب فكرة الاحتفاظ بعدد مميز أو مقال مهم، وأشعر بأن الجريدة شيء يمكن اقتناؤه وتوثيقه. أم علي، ربة منزل، تحدثت عن طقس القراءة في الصباح الذي كان له رونقه أيام زمان، مع فنجان القهوة، مبينة لا شيء يعوض جريدة ورقية، حيث تشعر أنك تبدأ يومك بخبر موثوق، لا بضجيج وسائل التواصل. صاحب مكتبة، علق قائلاً: عودة الصحف تعني عودة الزوار إلى المكتبات، الورق ليس فقط ثقافة، بل حركة اجتماعية كاملة.

حنين لزمن

عكست هذه الآراء حنيناً عاماً لزمن كانت فيه قراءة الجريدة جزءاً من الهوية اليومية للسوريين، ووسيلة لتبادل الحديث وربط المجتمع بخيط وطني واحد.

إرث لا تستطيع التكنولوجيا محوه

عودة جريدة الثورة السورية بورقها وصوت صفحاتها ليست مجرد حدث إعلامي، بل استعادة لعلاقة إنسانية عميقة بين المواطن والكلمة المكتوبة. إنها عودة الذاكرة، وعودة الطقس الصباحي الجميل، وعودة الثقة بمصدر وطني مسؤول. خطوة يأمل كثيرون أن تتوسع لتشمل جميع الصحف السورية، حفاظاً على إرث لا تنجح التكنولوجيا في محوه مهما تقدمت.

مشاركة المقال: