أيام قرطاج السينمائية الـ 36: فلسطين في الصدارة ومنصة للاحتفاء بالسينما المقاومة والجنوب العالمي


تعود أيام قرطاج السينمائية في دورتها السادسة والثلاثين، التي انطلقت منتصف كانون الأول (ديسمبر) وتستمر حتى 20 من الشهر الحالي، لتؤكد موقعها كمنصة عربية أفريقية ملتزمة، واضعةً فلسطين في قلب برمجتها. تمتد الأفلام المعروضة كجسر بين الذاكرة والحاضر، وبين التجريب والالتزام، مُعيدةً للسينما دورها كفعل مقاومة وحوار إنساني، وفتح آفاق جديدة للاكتشاف والاحتفاء بالأصوات القادمة من الجنوب العالمي.
تخيّم السينما على شوارع وحواري العاصمة التونسية انطلاقاً من قرطاج وتحديداً مدينة الثقافة «الشاذلي القليبي». وقد أكد مدير الدورة، محمد طابق بن شعبان، أن «الأيام» تواصل نهج المؤسسين في دعم سينما المؤلف المنفتحة على الجنوب والملتزمة بالقضايا الإنسانية. وأوضح أن فلسطين ستكون في صدارة البرمجة، بدءاً بفيلم الافتتاح «فلسطين 36»، للمخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر، إلى جانب عرض وثائقيات «من المسافة صفر»، ضمن قسم «فلسطين في قلب الأيام».
تنطلق «أيام قرطاج» لتُعيد تأكيد رسالتها كجسر بين الذاكرة والحاضر، وبين الجنوب والعالم، بعرض 165 فيلماً من 23 دولة، بتنوع يثري الحوار ويكشف عن أصوات جديدة. وتضم لجان التحكيم أسماء بارزة من فلسطين وتونس ولبنان والجزائر ورواندا وفرنسا والسنغال، مما يجدد العهد على أن السينما فضاء للتبادل والجرأة.
على صعيد التكريمات، تمثل الدورة وفاء لذاكرة السينما والموسيقى، حيث يُمنح «التانيت الشرفي» للمنتج عبد العزيز بن ملوكة، ويُحتفى بالفنانة الإيطالية الراحلة كلوديا كردينال، والراحلين الناقد اللبناني وليد شميط، والموسيقي زياد الرحباني. كما يُكرّم الجزائري الكبير محمد الأخضر حمينة، الذي توفي هذه السنة، بعرض ثلاثة من أفلامه وهي: «وقائع سنوات الجمر» و«غروب الظلال» و«ريح الأوارس».
يخوض 54 فيلماً غمار المسابقات الرسمية، موزعة بين 14 روائياً طويلاً، و12 وثائقياً طويلاً، و16 قصيراً، بالإضافة إلى 12 فيلماً في قسم «قرطاج للسينما الواعدة». تبحث البرمجة عن التوازن بين التجريب والالتزام، حيث تتقاطع التجارب التي تجسّد روح هذه الدورة.
تتنافس التونسية كوثر بن هنية بفيلمها «صوت هند رجب» في مسابقة الأفلام الروائية، إلى جانب مواطنتها آمال القلاتي بفيلم «وين ياخدنا الريح» الذي يتحدث عن عليسة الجريئة ومهدي الرقيق. ومن تونس أيضاً، تشارك أريج السحيري بـ «سماء بلا أرض» الذي يحكي قصة ماري وناني وجولي. ومن الأردن، تقدم زين الدريعي فيلمها الطويل الأول «غرق»، بينما يقدم أبو بكر شوقي من مصر فيلم «القصص» الذي يدور في صيف 1967. ومن السودان، تقدم سوزانا ميرغني قصة شخصية، وفيلم «هجرة» للسعودية شهد أمين يتتبع رحلة المراهقة جنى وأختها سارة إلى مكة. كما يعيدنا طرزان وعرب ناصر إلى عام 2007 في غزّة بفيلم «كان يا ما كان في غزّة».
في قسم الأفلام الوثائقية، يقدّم العراقي عباس فاضل فيلمه «حكايات الأرض الجريحة»، وهو سجلّ حميم للحرب التي اجتاحت جنوب لبنان. ومن العراق أيضاً، يقدّم زردشت أحمد «الأسود على نهر دجلة» المصوّر في الموصل. ومن تونس، يقدم بلحسن حندوس «فوق التلّ»، الذي صوّر على الحدود التونسية الجزائرية، ويتناول سيرة جيزيلا بيرغمان وأمارا.
تولي «أيام قرطاج» حيّزاً للأفلام المرمّمة لإحياء ذاكرة سينمائية مهدّدة بالاندثار، ومن بينها «ريح السد» (1986) لنوري بوزيد، و«كاميرا عربية» (1987) لفريد بوغدير، الذي يستعيد أبرز المحطات في السينما العربية. كما تنفتح الدورة على الحاضر العالمي، حيث تضع الأفلام الأجنبية التجارب المحلية في حوار حيّ مع سرديات متنوّعة. يبرز من هذه الأفلام «صراط» للمخرج أوليفييه لاكش، و«أب أم أخت أخ» لجيم جارموش، الحائز على «الأسد الذهبي» في «مهرجان البندقية»، إلى جانب «العميل السرّي» للبرازيلـي كليبر ميندوزا فيلهو. كما يضيء قسم «سينما تحت المجهر» على تجارب أرمنية وفليبينية وإسبانية، إضافة إلى سينما أميركا اللاتينية.
فن وثقافة
فن وثقافة
فن وثقافة
فن وثقافة