دراسة تكشف: الذكاء الاصطناعي يعزز الرضا الوظيفي في البداية ثم يقلبه إلى إجهاد


لم يعد استخدام الذكاء الاصطناعي في بيئات العمل مجرد تجربة، بل تحول إلى واقع يومي يفرض نماذج جديدة للأداء والتقييم. ومع التوسع المتزايد في تبني هذه التقنيات داخل الشركات، يطرح تساؤل عملي ملح: إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تعزيز رضا الموظفين بدلاً من أن يؤدي إلى تراجعه؟
في هذا السياق، كشفت دراسة حديثة صادرة عن جامعة مونستر الألمانية أن العلاقة بين تبني الذكاء الاصطناعي والرضا الوظيفي لا تسير في خط تصاعدي مستقيم، بل تتخذ نمطًا يشبه منحنى U مقلوبًا. وتوضح نتائج الدراسة أن مستويات الرضا ترتفع مع الاستخدام المنخفض إلى المتوسط للتكنولوجيا، لكنها تبدأ في التراجع بشكل ملحوظ كلما زاد الاعتماد عليها.
للتوصل إلى هذه النتائج، قام الباحثون بتحليل بيانات من أكثر من 500 شركة عامة في الولايات المتحدة. وقد اعتمدوا على نصوص مكالمات الأرباح لتقييم مدى تبني الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تحليل ما يقارب 2.4 مليون مراجعة وظيفية من منصتي Glassdoor وLinkedIn لتقدير مستويات الرضا الوظيفي لدى العاملين.
تشير النتائج إلى أن المراحل الأولية لإدخال الذكاء الاصطناعي في بيئة العمل تجلب فوائد واضحة، أهمها أتمتة المهام الروتينية والمتكررة. هذا يساهم في تخفيف الأعباء اليومية عن الموظفين، مما يتيح لهم مساحة أكبر للتركيز على مهام تتطلب تعقيدًا وإبداعًا أكبر. ومع ذلك، فإن التوسع المفرط في استخدام الذكاء الاصطناعي يقلب هذه المكاسب رأسًا على عقب، حيث تصبح الوظائف أكثر إجهادًا معرفيًا، ويزداد الاعتماد على أنظمة تقنية قد لا يستوعبها العاملون بالكامل، فضلاً عن تزايد القلق حول القيمة المهنية والدور المستقبلي للعنصر البشري داخل المؤسسات.
كما كشفت الدراسة أن ثقافة الشركة تلعب دورًا محوريًا في تحديد تأثير الذكاء الاصطناعي على الرضا الوظيفي. فالمؤسسات التي تتبنى ثقافة تشجع على التجريب والتعلم المستمر تكون قادرة على استيعاب مستويات أعلى من الذكاء الاصطناعي قبل أن يبدأ الرضا الوظيفي في التراجع. في المقابل، تظهر الآثار السلبية بشكل أسرع في الشركات التي تتميز بهياكل صارمة لحوكمة البيانات.
تخلص الدراسة إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل مجرد خيار تقني، بل هو تحدٍ إداري وإنساني يتطلب إدارة دقيقة ومدروسة لمستوى تبنيه. فالإفراط في الاعتماد على هذه التكنولوجيا قد يؤدي إلى إضعاف الرضا الوظيفي، ويؤثر سلبًا على الأداء والابتكار والاستقرار الوظيفي على المدى الطويل.
علوم وتكنلوجيا
⚠️محذوفاقتصاد وأعمال
اقتصاد وأعمال
اقتصاد وأعمال