تحديات الاستثمار الصناعي في سوريا: خبراء يكشفون "خللاً" في أولويات وزارة الاقتصاد وتدهور البنية التحتية

تم حذف هذا الخبر من المصدر الأصلي (enabbaladi.net) بتاريخ ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
قد يشير حذف الخبر من المصدر الأصلي إلى أن المعلومات الواردة فيه غير دقيقة أو مضللة. ننصح بشدة بالتحقق من صحة هذه المعلومات من مصادر أخرى موثوقة قبل مشاركتها أو الاعتماد عليها.
💡 نصيحة: قبل مشاركة أي خبر، تأكد من التحقق من مصدره الأصلي ومقارنته بمصادر إخبارية أخرى موثوقة.

يمر القطاع الصناعي في سوريا بمرحلة دقيقة تتأرجح بين محاولات التعافي والضغوط الاقتصادية المتزايدة. وفي ظل سعي الحكومة لإعادة تشكيل بيئة الاستثمار من خلال تحديث التشريعات وتحسين أداء المدن الصناعية، يظل الاستثمار الصناعي أحد أبرز الملفات الاقتصادية. ومع ذلك، تواجه المنشآت الصناعية تحديات ثقيلة تتمثل في ارتفاع تكاليف الإنتاج، وتدهور البنى التحتية، وفجوة العمالة.
عملت وزارة الاقتصاد والصناعة في سوريا خلال عام 2025 على ترسيخ بيئة استثمارية حديثة ومنظمة. تضمنت هذه الجهود تطويرًا متوازنًا للقوانين والتشريعات، وتعزيز القدرات التشغيلية والإدارية لدعم المستثمرين والارتقاء بالأداء العام للقطاع.
وشملت الإجراءات إصدار دليل استثمار موحد للمدن الصناعية ودليل خاص بالصناعيين والمستثمرين، بالإضافة إلى الإشراف المباشر على فتح باب الاستثمار ومتابعة الطلبات وفق قانون الاستثمار الجديد. كما تم تحديد التعرفة المعيارية للمقاسم الاستثمارية، وإقرار رسوم الطلبات المباشرة في المدن الصناعية الرئيسة، وتبسيط الإجراءات، وتحديد مراحل العمل ضمن خارطة استثمارية واضحة، مع تحديث نظام المخالفات وضبط البناء.
وعلى صعيد التحول الرقمي، بدأت الوزارة بتصميم منصة إلكترونية متكاملة تهدف إلى ربط المدن الصناعية ببعضها، وبالجهات الحكومية وغرف الصناعة والتجارة وهيئات الاستثمار، وربطها أيضًا بالتجمعات الصناعية والورشات الرديفة، لتقديم خدمات إلكترونية للمستثمرين والشركات.
وفي الإطار الدولي، فُتحت مسارات لتبادل الخبرات مع إدارات المدن الصناعية في السعودية وتركيا والأردن، والتعاون مع منظمة “UNIDO” لتطوير العمل في المدن والمناطق الصناعية. كما تم الاتفاق مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لتمويل إعادة تفعيل وتأهيل خمس مناطق صناعية متضررة في حلب وإدلب ودرعا وحمص.
يرى الصناعي تيسير دركلت أن وزارة الاقتصاد والصناعة حاولت إزالة العوائق وتطوير البيئة الاستثمارية خلال عام 2025، لكنها عانت من خلل واضح في ترتيب أولوياتها. وطرح دركلت مثال محافظة حلب، التي تضم مدينة صناعية واحدة تحتوي على 800 معمل فقط، بينما يوجد في المدينة نحو 16 إلى 18 ألف منشأة صناعية وحرفية مسجلة في غرفة الصناعة، ما يعني أن عدد المنشآت داخل المدينة أضعاف الموجود في المدينة الصناعية.
وأشار دركلت إلى أن حجم العمالة في هذه المناطق الكبرى يفوق بكثير العمالة في المدينة الصناعية، كما أن قربها من مصادر الخدمات اللوجستية يجعل عملها أكثر سهولة، ومع ذلك، ليست ضمن أولويات الوزارة. وأوضح أن المناطق الصناعية داخل حلب تحصل على الكهرباء لمدة عشر ساعات فقط، بينما تحصل المدن الصناعية على الكهرباء 24 ساعة وبالسعر نفسه، مما يضطر الصناعيين في المناطق الداخلية إلى تشغيل المولدات، الأمر الذي يضاعف تكاليف الإنتاج ويقلل من قدرة منتجاتهم على المنافسة.
ولفت إلى أن هذه الحالة تقتصر على حلب، بينما تحصل المدن الصناعية في دمشق وحمص وحماة على الكهرباء على مدار الساعة، معتبرًا أن “السبب وراء ما يجري في حلب لا يزال يحمل ألف إشارة استفهام”.
أكد الدكتور زكوان قريط، الأستاذ في قسم إدارة الأعمال بكلية الاقتصاد في جامعة “دمشق”، أن القرارات والإجراءات الوزارية تركت آثارًا بارزة على المشهد الاقتصادي، وتسعى لدعم الإنتاج المحلي وتحفيز النشاط الصناعي بما يتماشى مع التنمية الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الواردات. وأضاف أن هدف الوزارة هو تحقيق الاكتفاء الذاتي وتعزيز القدرة التنافسية للصناعات السورية.
ووصف الصناعي دركلت البيئة الاستثمارية السابقة في سوريا بأنها كانت تعمل ضمن “أجواء مغلقة” وبلا استثمارات خارجية أو بنية واضحة للحوكمة، مشيرًا إلى أن طبيعة الاقتصاد السوري في تلك المرحلة كانت “اقتصاد كفاية” وليس اقتصادًا استثماريًا. كما رأى أن الوقت الحالي غير مناسب لتطبيق سوق مفتوح قائم على المنافسة، نظرًا لخروج البلاد من 14 عامًا من الحرب والحصار، وما رافقها من هجرة الصناعيين واليد العاملة، وغياب الفئة الشابة، مما أنتج فجوة عمرية كبيرة داخل سوق العمل.
وعرض دركلت مجموعة من العوائق التي تواجه الصناعة، منها ارتفاع أسعار حوامل الطاقة، والبنى التحتية المتهالكة في قطاعات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والاتصالات. وأشار إلى أن العمال العائدين من الخارج، مثل أولئك الذين كانوا يتقاضون بين 600 و1000 دولار أمريكي في لبنان، يجدون صعوبة في تقاضي 200 دولار في سوريا، مما يخلق خللًا واضحًا في سوق العمل.
وأكد قريط أن التحديات الكبيرة لا تزال تعترض طريق المستثمرين، خاصة ضعف البنية التحتية الصناعية وارتفاع تكاليف التشغيل. كما يواجه القطاع صعوبات ناجمة عن التضخم وندرة التمويل، إضافة إلى دور البيئة الأمنية والسياسية في تفضيل المستثمرين الانتقال إلى بلدان أكثر استقرارًا.
يتطلب الواقع الصناعي، بحسب تيسير دركلت، إصدار قوانين تراعي المرحلة، وفي مقدمتها الحد من الاستيراد، خصوصًا للسلع المنتجة محليًا، أو رفع الرسوم الجمركية والأسعار الاسترشادية لضمان منافسة عادلة. ويرى الدكتور زكوان قريط أن تحقيق الرؤى المستقبلية يتطلب متابعة العمل على إعادة هيكلة القطاع من خلال تعزيز الأنظمة والتشريعات الداعمة للشفافية والابتكار، وتطوير التعليم التقني والمهني وإدخال التكنولوجيا الحديثة.
وأشار قريط إلى أن إلغاء قانون “قيصر”، في 11 من كانون الأول الحالي، قد يمهد الطريق لتوسيع الشراكات الدولية وزيادة الاستثمارات الخارجية، التي تعد دعامة أساسية لإنعاش الاقتصاد السوري. واختتم بأن نجاح هذه السياسات يعتمد على قدرة الحكومة السورية على مواجهة التحديات الحالية وجذب استثمارات محلية وأجنبية لتحقيق الاستقرار والازدهار الاقتصادي.
سياسة دولي
سوريا محلي
سياسة دولي
⚠️محذوفاقتصاد وأعمال