جوقة "ذهب عتيق" تُحيي "الزمن الجميل" في دمشق: حفل سنوي يجسد "سوريا مصغّرة" على مسرح الحمراء

حملت جوقة “ذهب عتيق” الغنائية دفءَ الذاكرة وعمق الانتماء في حفلها السنوي الذي أقيم مساء اليوم على خشبة مسرح الحمراء بدمشق، تحت عنوان “نثرات من الزمن الجميل”. نُظم الحفل من قبل مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة، وقاده المايسترو شادي سروة، وشهد حضوراً لافتاً من محبي الطرب الأصيل والموسيقا العربية.

برنامج فني يجمع التراث بالجمال

قدمت الجوقة برنامجاً غنياً ومتنوعاً، كان خيطه الجامع هو الجمال الفني والتراث الغنائي العربي. تنقل الجمهور بين محطات كلاسيكية، بدءاً من “هدوني هدوني” لنصري شمس الدين، و”اشتقنا كتير” لزكي ناصيف، وصولاً إلى “زروني” لسيد درويش، و”خايف كون عشقتك” لزياد الرحباني. كما شمل البرنامج موشح “يا غريب الدار” وأغنية “جاياتني مخبايا” لموفق بهجت.

ولم يكتمل المشهد الموسيقي دون وصلة خاصة من الأغاني الشامية والقدود الحلبية، حيث تفاعل الحضور بحماس مع “الدلعونا” و”آه يا حلو” و”صيد العصاري”، مقدمةً لوحة موسيقية أعادت وهج الزمن الجميل بروح معاصرة تناسب الأجيال الجديدة.

المايسترو سروة: الجوقة تجسيد لـ "سوريا مصغّرة"

أكد المايسترو شادي سروة، في تصريح لمراسل سانا، أن جوقة “ذهب عتيق” تمثل بالنسبة له أكثر من مجرد مجموعة غنائية، بل هي تجسيد لـ “سوريا مصغّرة، كالسيدة القوية الحضارية، المفعمة بالحياة والمنغمسة بالثقافة والمتوهجة فناً”. وأشار سروة إلى أن سيدات الجوقة يجسدن غنى التنوع في المجتمع السوري، ويقدمن نموذجاً حياً لإثبات حضور المرأة الفاعل في المجال الثقافي. وأوضح أن البرنامج الغنائي صُمم بعناية ليتعرف الجيل الجديد على أعمال ربما لم يسمعها من قبل، مؤكداً القيمة الجمالية والفنية لكل قطعة مختارة.

فرقة موسيقية من نخبة العازفين

رافق الجوقة في الحفل فرقة موسيقية ضمت نخبة من عازفي الموسيقا الشرقية في سوريا، وهم: عماد مرسي (تشيلو)، محمد حايك (ناي)، جوزيف مصلح (عود)، محمد جمال (غيتار)، غطاس سمعان (أكورديون)، مهدي مهدي (كمان)، وعلي أحمد ويونس غضبان (إيقاع).

المرأة السورية وإحياء التراث

من جهتها، أكدت مديرة الجوقة الدكتورة لميس يوسف أن المرأة السورية كانت وما تزال رمز القوة والإرادة، وأن سيدات جوقة “ذهب عتيق” يسعين إلى إحياء التراث الغنائي. وأشارت يوسف إلى أن الجوقة تأسست قبل تسع سنوات، وواصلت العمل رغم التحديات، لافتةً إلى أن الجوقة بدأت مع المايسترو الراحل حسام الدين بريمو، واستمرت اليوم اعترافاً بفضله، وبالتعاون مع المايسترو شادي سروة. كما ثمّنت دعم وزارة الثقافة بتأمين أماكن التدريب في مجمع دمر الثقافي، واختيار مسرح الحمراء لإقامة الحفل السنوي نتيجة ازدياد جمهور وأصدقاء الجوقة.

الشهرة لخدمة التراث والعمل الإنساني

أوضحت مديرة العلاقات العامة للجوقة سوسن عوام أن جوقة “ذهب عتيق” تسعى لدعم إحياء التراث والعمل الإنساني، مؤكدةً أن سيدات الجوقة يمثلن نسيجاً مجتمعياً متجانساً يجمعهن شغف الموسيقى وحب التراث. وأضافت عوام أن الجوقة تعمل بروح الفريق “كخلية نحل” بهدف نجاحها واستمرارها، مشيرةً إلى نشاطاتها الإنسانية المتعددة، ومنها المشاركة في فعاليات دعم ذوي الإعاقة، ومدارس السلام، وجمعيات خيرية، بالإضافة إلى حفل مرتقب في الـ18 من الشهر الجاري في المركز الثقافي بالمزة لدعم أطفال الشلل الدماغي.

نبذة عن تأسيس الجوقة

تأسست جوقة “ذهب عتيق” الغنائية في شباط عام 2016 كنشاط مجتمع أهلي في مجمع دمر الثقافي، بمبادرة من الدكتورة سحر بصير والسيدة جاكلين فرح، وبرعاية وزارة الثقافة. تولى تدريبها في بداياتها الأستاذ الراحل حسام بريمو، وبعد رحيله، استأنفت الجوقة نشاطها بالتعاون مع المايسترو شادي إميل سروة. وتهدف الجوقة إلى تفعيل دور المجتمع الأهلي ودمجه بالمؤسسة الثقافية، وتطوير إمكانات الأفراد لتشكيل ثقافة جماعية معاصرة تعزز التواصل الإيجابي بين مختلف شرائح المجتمع السوري.