ارتفاع جنوني لأسعار الحطب يهدد سكان ريف حمص الشمالي بشتاء هو الأقسى


حمص – نورث برس
يواجه سكان ريف حمص الشمالي موسماً شتوياً قاسياً هذا العام، يتسم بارتفاع غير مسبوق في أسعار مواد التدفئة، وعلى رأسها الحطب، مما يفاقم التحديات المعيشية القاسية. ويلخص عمر شريتح، وهو أحد تجار الحطب في المنطقة، صورة الأزمة قائلاً: "في بداية الموسم كنت أبيع الكيلو بين 1300 و1500 ليرة، اليوم أقل سعر صار 2000 ليرة". هذا الارتفاع الحاد تزامن مع ضعف كبير في الإقبال من قبل السكان، في وقت تتزايد فيه الحاجة للدفء مع اشتداد فصل الشتاء.
ويوضح شريتح لـ نورث برس أن أسعار الحطب بدأت بالارتفاع بشكل متسارع منذ دخول فصل الشتاء، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 2000 ليرة سورية كحد أدنى. ويعزو التاجر هذا التصاعد إلى ارتفاع تكاليف النقل، إذ يتم جلب الحطب من مناطق بعيدة إلى ريف حمص الشمالي، مما يضاعف الكلفة النهائية قبل وصوله إلى المستهلك. ويؤكد أن عوامل مثل ارتفاع أجور النقل وأسعار الوقود وتراجع مصادر التوريد، انعكست جميعها بشكل مباشر على السعر النهائي، في ظل غياب أي دعم حكومي أو بدائل متاحة لتخفيف الضغط عن السوق.
لطالما اعتمد سكان ريف حمص الشمالي، خلال سنوات الحرب، على وسائل تدفئة بدائية فرضتها ظروف الحصار والفقر وانقطاع الطاقة. كان الحطب ومخلفات الأشجار المصدر الأساسي، وفي ذروة الأزمات، لجأ البعض إلى حرق الأبواب الخشبية والأثاث القديم أحيانًا. أما الكهرباء، فلم تكن خياراً عملياً بسبب الانقطاعات الطويلة وعدم الاستقرار. وخلال الأعوام الماضية، استُخدم المازوت والكاز بشكل متقطع وبأسعار مرتفعة وجودة متدنية، مما دفع السكان إلى استخدام مدافئ يدوية الصنع تعمل على أي مادة قابلة للاحتراق، بما في ذلك البلاستيك وبقايا الأقمشة، رغم مخاطرها الصحية. وفي القرى الزراعية، لجأ السكان إلى قشّ القمح ومخلفات الزيتون وبقايا المحاصيل كبدائل للحطب، فيما ظلّ الفحم خيارًا محدودًا بسبب ندرته وكلفته.
في المقابل، تآكلت القدرة الشرائية للسكان بشكل كبير. ويشير التاجر عدي الشيخ لـ نورث برس إلى أن الإقبال هذا العام "ضعيف جداً"، موضحاً أن العائلات التي كانت تشتري سابقاً ما بين طنين وثلاثة أطنان من الحطب استعداداً للشتاء، أصبحت تكتفي اليوم بشراء 100 إلى 200 كيلوغرام فقط. ويضيف أن ضيق الحال منع بعض العائلات حتى من تركيب مدافئها، ما يعكس حجم الأزمة المعيشية التي تضرب المنطقة.
من داخل البيوت الباردة، يعبر السكان عن عجزهم أمام هذا الواقع. يقول فايز فطراوي، من مدينة الرستن، لـ نورث برس: "ما بقدَر نشتري حطب بالطون؛ صرنا نشتري بالكيلو وغالي سعره. راتبي 200 دولار وعندي سبع ولاد؛ شو بدي ساوي؟ نجيب أكل وشرب ولا نشتري حطب؟ وما في بديل، المازوت بدو يكلف أكتر". ويصف طلال أبو وليد، من مدينة تلبيسة، الحال بـ "القاسي جداً" مع بداية الشتاء، مشيراً إلى أن أقل عائلة تحتاج إلى طن ونصف على الأقل للتدفئة، وهي كلفة لا تتناسب مع دخل معظم السكان.
هذا الواقع ينذر بشتاء ثقيل، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية في سوريا عمّقت من معاناة الأسر. وتشير تقييمات World Bank لعام 2024 إلى أن نحو 69 ٪ من السوريين (حوالي 14.5 مليون نسمة) يعيشون تحت خط الفقر، وارتفعت نسبة الفقر المدقع (الفقر الشديد) إلى نحو 27 ٪. كما تؤكد دراسة صادرة في 2025، بحسب (UNDP)، أن ما يقارب تسعة من كل عشرة مواطنين يعيشون تحت خط الفقر اليوم، مما يجعل أي زيادة في أسعار الحاجات الأساسية، كالحطب، عبئاً هائلاً على الأسر التي لا تملك مناعة مالية لمواجهة مثل هذه الصدمات.
تحرير: معاذ الحمد
سوريا محلي
سوريا محلي
⚠️محذوفسوريا محلي
سوريا محلي