حوكمة الحكومة السورية: ضرورة قصوى لإنهاء تجربة 'الصندوق المغلق' وضمان الشفافية

تم حذف هذا الخبر من المصدر الأصلي (hashtagsyria.com) بتاريخ ١٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
قد يشير حذف الخبر من المصدر الأصلي إلى أن المعلومات الواردة فيه غير دقيقة أو مضللة. ننصح بشدة بالتحقق من صحة هذه المعلومات من مصادر أخرى موثوقة قبل مشاركتها أو الاعتماد عليها.
💡 نصيحة: قبل مشاركة أي خبر، تأكد من التحقق من مصدره الأصلي ومقارنته بمصادر إخبارية أخرى موثوقة.

رأي - أيهم أسد:
تشير الأدبيات الاقتصادية والإدارية المتعلقة بالدور المناط بالحكومات في كل دول العالم إلى ضرورة حوكمة عمل الحكومة، وذلك لما تملكه عملية الحوكمة من تأثيرات مباشرة في النمو والتنمية والرفاه البشري، وإدارة المال العام والثروة الوطنية، وتوزيع الدخل، وبناء الثقة. وبالتالي، فإنها تحسن تنافسية الاقتصاد محلياً ودولياً وتعظم ثقة المستثمرين المحليين والدوليين وتبني صورة ذهنية جيدة عن الاقتصاد.
لذلك، تسعى الدول أياً كان شكل نظامها السياسي إلى تبني نظم حوكمة تتناسب مع خصوصيتها ودرجة تطورها وبنية إدارتها العامة. علماً أن للحوكمة ثوابت أساسية تشكل مرجعيات عمل لأي حكومة ترغب بتطبيقها، لكن ما يختلف بين دولة وأخرى هو عمق تطبيق ثوابت الحوكمة تلك.
لقد كانت الحوكمة غائبة عن الاقتصاد السوري طوال ستين عاماً، فلم يرغب النظام السياسي السابق الذي حكم سوريا طوال سنوات (1963 – 2024) في تبني نهج الحوكمة بوصفها وسيلة لإدارة البلاد. هذا الأمر حوّل سوريا إلى صندوق مغلق تديره نخبة حاكمة تتخذ القرارات وتدير البلاد من دون وضوح أو نزاهة أو مساءلة أو شفافية أو كفاءة أو فعالية. وقد رافق ذلك تبعية الأجهزة الرقابية للسلطة التنفيذية والسياسية، فتحولت أداة بيدها بدلاً من أن تكون رقيباً عليها، فوصلت البلاد بعد ستين عاماً إلى ما وصلت عليه من انهيار سياسي ومؤسساتي واقتصادي.
ومع سقوط نظام الأسد، وتولي السلطة الجديدة قيادة البلاد، ومع التغيرات الدولية والداخلية الكثيفة المؤثرة بقوة في المجتمع السوري، وضمن بيئة التهديدات الداخلية والخارجية المحيطة به، ومع صدور الكثير من التشريعات والقرارات غير المنطقية، ومع ظهور بعض المؤسسات الاقتصادية الحكومية الجديدة التي تشكلت من عملية تجميع لها، ومع دمج بعض الإدارات العامة معاً لتشكيل وزارات جديدة، ومع تغير طريقة إدارة اقتصاد البلاد، بات من الضروري أن تتبنى الحكومة الانتقالية نهجاً واضحاً للحوكمة، كي لا تتكرر تجربة "الصندوق المغلق". يجب أن يقر هذا النهج بعلنية وشفافية أعمالها ويبرر سلوكياتها الاقتصادية والإدارية والسياسية.
تتطلب حوكمة الحكومة السورية اليوم إعادة النظر في المعايير والإجراءات التي تعمل وفقها الحكومة، وتحمل مسؤوليتها نتائجها. كما تتطلب إعادة النظر في هيكل الإدارة العامة وطريقة التعيينات الإدارية فيه ودرجة خضوعها للقوانين. وتتطلب الحوكمة وجود برلمان منتخب وجوداً حقيقياً قادراً على تتبع أنشطة السلطة التنفيذية ومساءلتها، بما يضمن استدامة كفاءة الأداء الحكومي وتحمّل تبعات القرارات المتخذة من الحكومة.
كما تتطلب حوكمة الحكومة استقلالية حقيقية للأجهزة الرقابية وإلغاء تبعيتها للسلطة التنفيذية وتوحيدها في جهاز رقابي يتسم بالنزاهة والشفافية والعدالة المهنية. يضاف إليها ضرورة عدم خروج أي مؤسسة عامة محدثة، وأياً كانت جهة ارتباطها، عن قواعد الأجهزة الرقابية العامة. كما تتطلب حوكمة الحكومة في الوقت ذاته إدارة عمليات الشفافية والإفصاح عن نتائج أعمالها في إدارة المال العام والثروة الوطنية، سواء من حيث شفافية إدارة العقود الداخلية أو الخارجية أو من حيث إدارة جباية وإنفاق المال العام وتحديداً في ما يتعلق بمصادر الجباية وأوجه الإنفاق.
إن حوكمة الحكومة السورية اليوم وغداً وفي كل حين ضرورة، ولا بد من البداية بها من دون استخدام الظروف الحالية كمبرر لعدم تطبيقها. فالحوكمة هي الضامن الوحيد لتماسك المجتمع والاقتصاد وحماية المال العام وسيادة القانون والنزاهة والعدالة.
سياسة دولي
سياسة دولي
⚠️محذوفسياسة سوريا
سياسة سوريا