حرب المخدرات الخفية في غزة: كيف يتم إغراق القطاع بالسموم عبر شاحنات المساعدات والطائرات المسيرة؟


يواجه سكان قطاع غزة، المحاصرون برًا وبحرًا وجوًا، حرباً أخرى لا تقل قسوةً وتأثيراً عن الحرب التي شنتها إسرائيل، والتي أدت إلى تدمير مظاهر الحياة وتشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين. فبعد مرور أكثر من شهرين على إعلان وقف إطلاق النار، لا يزال السكان يفتقرون إلى الضروريات الأساسية كالمأكل والمسكن والعلاج.
لكن الأمر الذي أثار الاستغراب والدهشة، وأصاب الكثيرين بالصدمة، هو الكمية الهائلة من المخدرات التي بدأت تتغلغل بشكل جنوني في شوارع غزة المهدمة. فقد كشفت تقارير أن العديد من شاحنات المساعدات التي دخلت القطاع كانت تحمل، خلف ستار الإغاثة الإنسانية، عمليات تهريب خطيرة لمختلف أنواع وأشكال المخدرات، بهدف ضرب الشباب الفلسطيني في مقتل.
أثارت هذه التطورات تساؤلات واسعة حول كيفية تسهيل دخول هذه المواد الخطيرة إلى غزة، والهدف من ورائها، ومن يقف خلف هذا المخطط. وفي خضم حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، كشفت مشاهد نشرتها قناة «الجزيرة» عن حرب أخرى تدور في الظل، تستهدف الصمود النفسي والاجتماعي للمواطن الغزي، وذلك عبر محاولات منظمة لإغراق القطاع بالمخدرات وعقاقير الهلوسة.
ووفقاً لما وثقته «الجزيرة»، فإن شحنات من الأقراص المخدرة تدخل إلى القطاع المدمر بطرق متعددة. من بين هذه الطرق، استخدام الشاحنات التجارية التي تمر عبر المعابر الخاضعة لرقابة وتفتيش دقيق من قِبل جيش الاحتلال. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام الطائرات المسيرة لإلقاء كميات من المواد المخدرة داخل مناطق متفرقة من القطاع، لتصل إلى أيدي تجار مخدرات وعملاء يعملون على ترويجها بين السكان.
واستعرضت «الجزيرة» أنواعاً متعددة من المخدرات التي تم إدخالها عبر شاحنات المساعدات، شملت الحبوب بأنواعها المختلفة، والحشيش، ومواد كيماوية أخرى تؤدي إلى الهلوسة والموت. كما عرضت «الجزيرة مباشر» طرق التهريب المختلفة والمبتكرة التي تُتبع لتمرير هذه السموم داخل القطاع.
تأتي هذه التطورات في وقت تتعرض فيه الأجهزة الأمنية والشرطة الفلسطينية في غزة لاستهداف إسرائيلي مباشر ومتكرر، مما يحد من قدرتها على القيام بمهامها في ملاحقة المتورطين وحماية المجتمع من هذه الآفة. وكشفت إدارة مكافحة المخدرات في القطاع عن تفاصيل صادمة تتعلق بمحاولات الاحتلال إدخال هذه السموم بشكل متعمّد.
وتُظهر الشهادات أن الشاحنات التجارية، التي يفترض أنها تحمل مواد غذائية أو إغاثية، تخضع شكلياً لإجراءات التفتيش الإسرائيلي، إلا أن المواد المخدرة تُمرر داخلها بعناية. ووصف مسؤولون في مكافحة المخدرات هذا المشهد بأنه «أمر مريب وغير مسبوق»، ويكشف عن سياسة ممنهجة تهدف إلى ضرب النسيج المجتمعي الفلسطيني من الداخل.
وفي أحد المخازن التي وصلت إليها أجهزة المكافحة، استعرضت «الجزيرة مباشر» كميات من الأقراص المخدرة التي جرى ضبطها، مؤكدة رسمياً أن هذه المضبوطات ليست سوى جزء يسير مما يحاول الاحتلال إدخاله، مستغلاً ظروف الحرب والحصار وانهيار البنية الاقتصادية والاجتماعية.
وحذرت الجهات المختصة في غزة من أن استهداف المجتمع الفلسطيني بالمخدرات يوازي في خطورته الاستهداف العسكري، كونه يسعى إلى إضعاف المجتمع وتفكيك قدرته على الصمود ونشر الفوضى في صفوف الشباب. ورغم الإمكانات المحدودة، أكدت إدارة مكافحة المخدرات أن «يد القانون ستطال كل من يثبت تورطه في ترويج أو الاتجار بالمخدرات»، مشددة على أن المعركة ضد هذه الظاهرة لا تقل أهمية عن مواجهة القصف والحصار.
سياسة دولي
سياسة دولي
سياسة دولي
سياسة دولي