شجرة البلوط في جبال اللاذقية: إرث غذائي وطبي شعبي وبديل للقهوة


هذا الخبر بعنوان "شجرة البلوط: «كستناء الفقراء» وذاكرة الغذاء والطب الشعبي" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ١٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
على سفوح جبال اللاذقية وجبلة، تقف شجرة البلوط شامخة، شاهدة على علاقة تاريخية عميقة بين الإنسان والطبيعة. لم تكن هذه الشجرة، التي ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بحياة أهالي الجبال، مجرد مصدر للظل أو الحطب، بل تجاوزت ذلك لتصبح جزءاً لا يتجزأ من الموروث الغذائي والعلاجي عبر الأجيال. وقد لُقبت بـ «كستناء الفقراء» نظراً لما قدمته من بدائل طبيعية حيوية في أوقات الشح والضيق.
حظيت ثمار البلوط، المعروفة محلياً باسم «الدوّام»، باهتمام كبير في مجال الطب الشعبي. وقد أكد عدد من العاملين في الأعشاب والعطارة أن مغلي لحاء البلوط استُخدم تقليدياً للتخفيف من حموضة المعدة، والمساعدة في حالات نزف البواسير. كما استُعمل كمضمضة فعالة للتقليل من تقرحات الفم. وأشاروا إلى أن تناول هذا المغلي يلعب دوراً وقائياً في دعم صحة المعدة، وهي استخدامات متوارثة تناقلها الناس جيلاً بعد جيل.
وفي سياق الوصفات الشعبية، أشار أحمد وزان، أحد العطارين البارزين في مدينة اللاذقية، في تصريح لـ "الحرية"، إلى أن لحاء البلوط يُستخدم في تركيبات شعبية تهدف إلى تقوية العضلة القلبية وتنظيم ضربات القلب، فضلاً عن المساعدة في طرد البلغم. كما يُستفاد منه في علاج حالات دوالي الساقين. وأوضح وزان أن خلط لحاء البلوط مع حبة البركة واللوز، ثم طحنها مع قليل من العسل، يُعد من الوصفات الشائعة التي يتناولها البعض صباحاً على الريق. وأضاف أن مغلي لحاء البلوط يُستخدم خارجياً لمعالجة بعض حالات الأكزيما عن طريق غمر الجزء المصاب به.
ولم تتوقف الاستخدامات الشعبية عند هذا الحد، فقد أكد وزان أن ثمرة البلوط، بعد تقشيرها وتجفيفها وتحميصها وطحنها، يمكن أن تُستعمل بديلاً للقهوة. ويُقبل البعض على هذا المشروب بوصفه مقوياً عاماً وداعماً للخصوبة لدى الرجال والنساء على حد سواء. وأوضح أن هذه الممارسات لا تزال قائمة بقوة في القرى الجبلية، حيث يُستهلك البلوط أحياناً بطريقة مشابهة لتناول الكستناء.
وفي السياق ذاته، أكد الخبير الزراعي المهندس ياسر العلي أن شجرة البلوط تُصنف ضمن الأشجار المعمرة ذات القيمة البيئية والغذائية العالية. وأوضح أن فوائدها في الموروث الشعبي عديدة ومتنوعة، مشيراً إلى أن اعتماد سكان الجبال على ثمارها كان ولا يزال جزءاً أساسياً من نمط حياتهم، لا سيما في ظل نقص الموارد، مما جعلها رمزاً للاكتفاء الذاتي والارتباط العميق بالأرض.
تأكيداً على ما ذكره المهندس العلي، تظل شجرة البلوط أكثر من مجرد عنصر طبيعي في الغابات الساحلية؛ إنها ذاكرة حية تختزن تجارب الأجيال، ونموذج فريد لاستخدام الموارد المحلية في الغذاء والعلاج الشعبي. ومع تقدم العلوم الحديثة في دراسة النباتات، يظل هذا الإرث بحاجة ماسة إلى توثيق علمي متوازن يحفظ الحكمة الشعبية ضمن إطارها الصحيح، مع التأكيد الدائم بأن الشفاء بيد الله، وأن الطب الحديث هو المرجع الأساسي في التشخيص والعلاج. (أخبار سوريا الوطن2-الحرية)
سوريا محلي
صحة
صحة
صحة