مفاوضات دمج "قسد" بالجيش السوري: مقترحات دمشق وشروطها وتحديات تطبيق "اتفاق 10 آذار"


هذا الخبر بعنوان "اتفاق 10 آذار.. لا بوادر تطبيق كامل تلوح في الأفق" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
كشفت وكالة "رويترز"، في 18 من كانون الأول الحالي، عن سباق مع الزمن يخوضه مسؤولون سوريون وكرد وأمريكيون لإحراز تقدم، ولو محدود، في "اتفاق 10 آذار" قبل نهاية العام. وتأتي هذه التطورات في ظل تسارع المفاوضات خلال الأيام الماضية، رغم تزايد الإحباط جراء التأخير المستمر، بحسب مصادر سورية وكردية وغربية تحدثت للوكالة.
مقترح دمشق لدمج "قسد"
أرسلت الحكومة السورية مقترحًا خطيًا إلى "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، للمرة الأولى منذ توقيع الاتفاق، يوافق على ضم قواتها إلى الجيش السوري على شكل ألوية وفرق. ونقلت قناة "العربية" السعودية، في 18 من كانون الأول، عن مصدر أمني في "قسد" تأكيده استلام هذا المقترح.
وأوضح المصدر الأمني لـ"العربية" أن مقترح دمشق المكتوب يمثل "ترجمة فعلية" لوعد قطعه الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، لقائد "قسد"، مظلوم عبدي، خلال اجتماعهما بدمشق في تشرين الأول الماضي، حيث وافق الشرع حينها "شفهيًا" على ضم "قسد" إلى الجيش السوري ككتلة واحدة.
وبحسب خمسة مصادر تحدثت لـ"رويترز"، يتضمن المقترح استعداد دمشق للسماح لـ"قسد" بإعادة تنظيم نحو 50 ألف مقاتل ضمن ثلاث فرق رئيسة وألوية أصغر. ويشترط ذلك تخلي "قسد" عن بعض سلاسل القيادة وفتح مناطق سيطرتها أمام وحدات أخرى من الجيش السوري.
تحليلات حول المقترح وتداعياته
يرى المحلل السياسي محمد الحمادة أن تنظيم 50 ألف مقاتل ضمن الجيش السوري يمثل حلًا وسطًا بين الطرفين. فالحكومة السورية ترفض مبدأ "دولة ضمن الدولة" ولا ترغب في تكرار تجربة "حزب الله" اللبناني في سوريا، وتصر على عدم وجود أي جسم أو كتلة مستقلة تهدد وحدة سوريا. ويتوقع الحمادة أن تتوزع قوات "قسد" على كامل الجغرافيا السورية، وليس فقط في المنطقة الشرقية، مع انتشار متوازٍ لعناصر الحكومة السورية في تلك المناطق.
من جانبه، يرى المحلل السياسي نادر الخليل أن إعادة تنظيم هذا العدد من المقاتلين تحت راية الجيش السوري، ورفع العلم الرسمي، وفتح الطرق بين مناطق السيطرة، من شأنه تعزيز سيادة دمشق على المناطق الغنية بالموارد في شرقي وشمال شرقي سوريا. ويعتبر الخليل أن هذه العملية خطوة نحو التفكيك التدريجي لبنية "قسد"، خاصة مع وجود توافق إقليمي ودولي على ضرورة وحدة سوريا.
شروط دمشق وتحديات القيادة
تشترط دمشق على "قسد" التخلي عن بعض سلاسل القيادة لديها مقابل قبول تنظيم مقاتليها ضمن ألوية وفرق صغيرة، بالإضافة إلى فتح مناطق سيطرتها لوحدات أخرى من الجيش السوري. ومن المقرر أن يناقش وفد "قسد" التفاوضي قريبًا في دمشق رد الحكومة على قائمة الأسماء التي قدمتها "قسد" بشأن تعيين مقاتليها بمناصب قيادية في وزارتي الدفاع والداخلية، وفقًا لقناة "العربية".
يعتقد الباحث والمحلل السياسي أيمن الدسوقي أن المقترحات المتبادلة تهدف إلى كسب الوقت وإحراج كل طرف للآخر أمام الوسيط الأمريكي. ويرى الدسوقي أن الحكومة السورية تسعى لاختراق بنية "قسد" تدريجيًا عبر إضعاف سلاسل القيادة والتحكم، وتقليص سيطرتها الميدانية، وتثبيت مكانة الحكومة كممثل للدولة وتأكيد سيادتها على كامل الجغرافيا السورية.
ويؤكد نادر الخليل أن شرط تخلي "قسد" عن سلسلة القيادة يشكل نقطة تحول جوهرية، كونه سينهي استقلالها العسكري ويضعها تحت قيادة دمشق مباشرة. ويرى الخليل أن هذا الشرط قابل للتنفيذ جزئيًا مع ضمانات للطرف الكردي لتجنب الانهيار الداخلي، محذرًا من أن فرضه بسرعة قد يفجر خلافات "عرقية" داخل "قسد"، مما يجعل التدرج في التنفيذ أمرًا حاسمًا.
وكان ممثل "الإدارة الذاتية" في دمشق، عبد الكريم عمر، قد صرح لـ"رويترز" بأن المقترح، الذي لم يُعلن عنه رسميًا، يتضمن "تفاصيل لوجستية وإدارية قد تثير خلافات وتؤدي إلى تأخير". ولا يعتقد أيمن الدسوقي أن المقترح بصيغته الراهنة سيحظى بقبول "قسد"، لأنه يفقدها أوراق قوة على صعيد تماسكها الداخلي وتحكمها الجغرافي، لكنه لا يعني انهيار المفاوضات أو التصعيد الشامل، حيث يمتلك كل طرف أدوات للمناورة.
سيناريوهات محتملة وموقف تركيا
تبادلت دمشق و"قسد" الاتهامات حول عرقلة تنفيذ الاتفاق، حيث يصر كل طرف على شروطه. ورغم تصريح مسؤول في "قسد" لـ"رويترز" بأنهم "أقرب إلى اتفاق أكثر من أي وقت مضى"، أشار مسؤول غربي مطلع على المفاوضات إلى أن أي إعلان مرتقب قد يكون هدفه "حفظ ماء الوجه" وتمديد المهلة والحفاظ على الاستقرار الهش في البلاد. وتؤكد مصادر "رويترز" أن أي صيغة محتملة لن تصل إلى الدمج الكامل لـ"قسد" في الجيش ومؤسسات الدولة بحلول نهاية العام، كما نص عليه اتفاق 10 آذار.
يرى أيمن الدسوقي أن الدمج الكامل بحلول نهاية العام غير واقعي، ويتراوح السيناريو الأكثر ترجيحًا في حال فشل الدمج بين التصعيد الميداني المحدود أو التنفيذ الجزئي للاتفاق في ملفات أو مناطق محددة، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الأمريكي كوسيط. ويتوقع نادر الخليل التأجيل مع اتفاق أولي لإنقاذ المفاوضات تحت ضغط أمريكي، مع بقاء احتمال تصعيد محدود في مناطق مثل الرقة.
أما محمد الحمادة، فيتوقع عدة سيناريوهات محتملة: عمل عسكري محدود أو شامل، لجوء "قسد" إلى تسليم مناطق مثل دير الزور أو الرقة مقابل تمديد مدة الاندماج، أو قبول "قسد" بالاندماج الجزئي مبدئيًا تمهيدًا لاندماج كلي لاحقًا.
تهديدات تركية بالتدخل العسكري
لم تتوقف تركيا عن تحذير "قسد" من المماطلة، وهددت مرارًا باستعمال القوة. وفي 20 من كانون الأول، صرح وزير الدفاع التركي، يشار غولر، بأن "لدينا خطط جاهزة لمواجهة أي تطورات ميدانية، و(قسد) تعرف تمامًا ما الذي سنفعله عند الحاجة". وأكد غولر أن تركيا لا تطلب إذنًا من أحد لتنفيذ عملياتها، وأنها نفذت عمليات سابقة في سوريا دون استشارة أحد وستفعل ذلك مجددًا إذا اقتضت الحاجة.
يعتقد المحلل السياسي أنس شواخ أن تركيا تطرح الخيار العسكري بجدية لإنهاء وجود "قسد" وتهديدها لأمنها القومي، لكن الولايات المتحدة تعمل كضامن لوقف إطلاق النار وتضغط على "قسد" لتنفيذ بنود الاتفاق لتجنب المعركة.
في المقابل، يرى الباحث في "المركز الكردي للدراسات" طارق حمو أن احتمالية المواجهة "ضعيفة جدًا"، فالحكومة السورية تسعى لإغلاق الملفات ولا تريد تكرار ما حدث في الساحل والسويداء، خاصة أن معركة كهذه قد تمتد لسنوات. ويعتقد حمو أن تركيا لا مشكلة لديها بانضمام "قسد" كفرق عسكرية للجيش السوري، مشيرًا إلى "التوافق الأخير بين تركيا وحزب (العمال الكردستاني)"، وأن العقبات الرئيسية قد ذُللت، سواء في سوريا بين "قسد" والدولة، أو في تركيا عبر قرار "العمال الكردستاني" التخلي عن الكفاح المسلح مقابل إصلاحات دستورية وقانونية، مما سينعكس إيجابًا على سوريا.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة