السويداء تشهد تصاعداً خطيراً في الجرائم: 9 قتلى منذ مطلع ديسمبر بين دوافع جنائية وسياسية


هذا الخبر بعنوان "السويداء بين الأمان والفوضى.. 9 جرائم منذ مطلع كانون الأول" نشر أولاً على موقع hashtagsyria.com وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد محافظة السويداء، الواقعة في الجنوب السوري، تصاعداً ملحوظاً في أعمال العنف وارتكاب الجرائم خلال الأيام القليلة الماضية. تعزى هذه الجرائم إلى دوافع جنائية و"سياسية" على حد سواء، خاصة في ظل ما يصفه الأهالي بمحاولات اختراق داخلي وخارجي، بالإضافة إلى دعوات داخلية تؤكد على ضرورة قيادة المرحلة بشكلها الأصولي.
كشف تقرير صادر عن جريدة "المدن" عن تفشي العنف وارتفاع أعداد الضحايا في المحافظة. فمنذ بداية كانون الأول/ديسمبر الجاري، وثقت مصادر مطلعة مقتل تسعة أشخاص في مناطق متفرقة من السويداء، من بينهم امرأة وطفلة، فضلاً عن إصابة ستة آخرين. كما سُجلت حوادث سطو وسرقة لممتلكات عامة وخاصة. وأشارت المصادر إلى وصول جثث بعض الضحايا إلى المستشفى الحكومي، حيث ظهرت آثار تعذيب على جسدي اثنين منهم، وهما ماهر فلحوط ورائد المتني، اللذان فارقا الحياة بعد أقل من يومين على توقيفهما من قبل "الحرس الوطني" بتهم تتعلق بالتواصل مع الحكومة الانتقالية بدمشق.
في ظل تصاعد حوادث القتل العشوائي، تبرز جرائم تحمل "أبعاداً سياسية واضحة". من أبرزها مقتل أنور الشاعر، الرئيس السابق لبلدية قرية بوسان، برصاص مسلحين مجهولين أمام منزله. كان الشاعر معروفاً بآرائه المعارضة لإدارة السويداء في هذه المرحلة، وتلقى، وفقاً للتقرير، "تهديدات متكررة، مما يجعل مقتله مؤشراً على تصاعد التحريض السياسي وتحوله إلى أداة ضغط عبر العنف". في المقابل، استمرت جرائم القتل ذات الطابع الجنائي والعائلي في التزايد بشكل مثير للجدل. ففي بلدة ملح بالريف الشرقي، وقعت حادثة مروعة أدت إلى وفاة السيدة ولاء الباسط وطفلتها، وإصابة طفلها الآخر، على يد شقيق زوجها الذي تبين تعاطيه للمواد المخدرة. كما سُجلت حوادث قتل أخرى في بلدتي نجران وصلخد، إحداها نتيجة خلاف شخصي والأخرى ضمن إطار عائلي، بالإضافة إلى مقتل الشاب أوس مسعود في ظروف غامضة، حيث طالبت عائلته الجهات الأمنية بتسليم المتهمين.
تُظهر الأحداث الأخيرة في السويداء هشاشة التشكيلات الأمنية في المحافظة وانفلات السلاح. ففي قضية مقتل الشاب نورس ناصر، الذي لقي حتفه قرب دوار العمران إثر خلافات مالية، أعلن "الحرس الوطني" فصل المتهم بعد ثبوت انتمائه لصفوف التشكيل العسكري، وهو ما "يعكس ضعف الانضباط الداخلي وصعوبة التحكم بالسلاح المتداول بين المدنيين والمتطوعين". وفي سياق متصل، أصيب الشاب ورد الجغامي برصاصة طائشة في حادثة سابقة، استدعت دخوله العناية الفائقة في المستشفى الوطني بالسويداء. تعكس هذه الحادثة استمرار ظاهرة إطلاق النار العشوائي، التي تحولت إلى سلوك يومي في المحافظة، في ظل غياب آليات فعالة للحد من انتشار الأسلحة.
على الرغم من الإعلان عن توقيف عدد من المتورطين في الجرائم الجنائية، يشير التقرير إلى "غياب إجراءات مماثلة في القضايا السياسية، مما يعزز الانطباع بانتقائية تطبيق القانون". وتفاقم الوضع معاناة الأجهزة الأمنية من نقص الموارد والكوادر، وضعف الإمكانات اللوجستية، وعدم جاهزية أماكن الاحتجاز، مما يحد من قدرتها على أداء أي دور رقابي أو قانوني فعال. تشير هذه المعطيات إلى أن السويداء تمر بمرحلة انتقالية بالغة التعقيد، تُدار فيها الخلافات والصراعات باستخدام السلاح، في ظل غياب حلول وشيكة للأزمة السياسية مع الحكومة المركزية، وتدهور الثقة بالمؤسسات المحلية. هذه البيئة تجعل المدنيين أكثر عرضة للخطر، وتزيد من احتمالية تحول العنف إلى سلوك اعتيادي في الحياة اليومية.
يُظهر الواقع في السويداء مزيجاً من الفوضى الأمنية والصراعات السياسية والاجتماعية، حيث بات السلاح أداة للضغط وممارسة النفوذ. تسلط هذه المعادلة الضوء على عجز السلطات المحلية الجديدة عن فرض القانون، وعلى ضعف التوازن بين حقوق المواطنين وواجبات الأجهزة الأمنية. ويشير التحليل إلى ضرورة معالجة الأزمة من زاويتين متوازيتين: أولاً، تعزيز قدرات الأمن الداخلي وتطوير منظومة قضائية شفافة، ومواجهة خطاب التحريض السياسي الذي يغذي العنف، لتجنب تحول المحافظة إلى ساحة دائمة لتصفية الحسابات. ثانياً، إطلاع المجتمع المحلي على كافة المستجدات الأمنية والسياسية، وإشراك النخب السياسية والاجتماعية في القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل المحافظة، خاصة في ظل ما تمر به السويداء منذ أحداث تموز/يوليو الماضي، وآخرها محاولة الخرق الداخلي، أو "الانقلاب"، ضمن الأوساط المحلية بالمحافظة، مستغلة قضية المهجرين والنازحين.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي