مأساة الرقة: أطفال وشباب يواجهون الخطر في مكبات القمامة بحثاً عن لقمة العيش


هذا الخبر بعنوان "نبش القمامة في الرقة… الفقر يدفع الأطفال والشباب للخطر" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢١ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تتفاقم ظاهرة نبش القمامة لتصبح مشهداً يومياً مؤلماً في شوارع وأحياء مدينة الرقة، وذلك في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وتصاعد حدة الفقر بين سكانها. فمع استمرار الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمدينة منذ سنوات، بات البحث في مكبات النفايات وسيلة اضطرارية لكسب لقمة العيش، خصوصاً بين الأطفال والشباب.
وفي رصد ميداني لواقع المدينة، لاحظت سوريا 24 انتشار مجموعات من الأطفال واليافعين يقضون ساعات طويلة في مكبات القمامة، باحثين عن مواد قابلة لإعادة التدوير كالبلاستيك والمعادن. تُباع هذه المواد لاحقاً بمبالغ زهيدة لا تكاد تسد رمقهم، وتساعدهم في تأمين احتياجات أساسية مثل الغذاء والملبس.
ويُرجع الأهالي تفشي هذه الظاهرة إلى الارتفاع المطرد في معدلات البطالة وتضاؤل فرص العمل، الأمر الذي دفع بالعديد من العائلات إلى براثن الفقر المدقع. هذا الواقع المرير أجبر أيضاً بعض الرجال الذين يفتقرون إلى مصادر دخل ثابتة على الانخراط في أعمال غير رسمية وخطرة، بما في ذلك نبش القمامة، في محاولة يائسة لتأمين قوت يومهم.
وفي شهادات مؤثرة لـ سوريا 24، يصف أحمد الدرويش، أحد سكان مدينة الرقة، الوضع قائلاً: "الوضع أصبح صعباً للغاية، الكثير من الشباب والأطفال باتوا ينبشون القمامة ليجدوا ما يبيعونه. نحن رجال ولا نملك سوى الله وإرادتنا، لكن يجب على الجهات المعنية أن تقف معنا وتساعدنا لنتمكن من تحسين حياتنا."
من جانبه، يعبر محمود العبد، وهو رب أسرة يعمل في مهنة البناء، عن ألمه لما يشهده يومياً: "عندما أرى الأطفال يفتشون في القمامة، يتوجع قلبي. من المفترض أن تكون هناك فرص عمل أكثر ومشاريع تدعم العائلات، بدلاً من أن نرى أولادنا في هذا الوضع. نبش القمامة ليس حلاً، لكن الظروف أجبرتنا."
بدوره، يصف سامر المريمي، صاحب محل تجاري صغير، الواقع بالمأساوي، موضحاً: "نبش القمامة أصبح ظاهرة منتشرة بين عدد كبير من الناس، وخصوصاً الأطفال الذين يعملون بهذه الطريقة دون أي حماية أو رعاية. المسؤولية لا تقع على جهة واحدة فقط، بل على المجتمع كله أن يتحرك ويوفر بدائل حقيقية."
تؤكد هذه الشهادات أن ظاهرة نبش القمامة في الرقة ليست مجرد سلوك فردي، بل هي انعكاس مباشر للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المعقدة التي تعيشها المدينة. ويرى مختصون وناشطون أن الحد من تفاقم هذه الظاهرة يستدعي تدخلاً جاداً من الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني، وذلك من خلال توفير فرص عمل مستدامة، ودعم العائلات الأشد فقراً، وتعزيز برامج التعليم والحماية المخصصة للأطفال.
ويشدد الأهالي أيضاً على أهمية تطوير برامج رسمية لإعادة التدوير، وإنشاء مراكز مخصصة لجمع وفرز النفايات بطرق آمنة. من شأن هذه الإجراءات أن تحد من لجوء الأطفال إلى نبش القمامة العشوائي، وتحميهم من المخاطر الصحية والبيئية التي تهدد حياتهم يومياً.
وفي ظل غياب حلول جذرية حتى الآن، تظل ظاهرة نبش القمامة في الرقة أحد أبرز التحديات الإنسانية والمعيشية، التي تتطلب تعاوناً واسعاً بين جميع الأطراف لضمان حياة كريمة وآمنة لسكان المدينة، وخاصة أطفالها.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي