الكلاب الشاردة في محيط دمشق: مخاوف صحية ونفسية واستراتيجية وزارة الصحة لمواجهة الظاهرة


هذا الخبر بعنوان "الكلاب الشاردة.. ظاهرة تؤرق السكان في محيط دمشق" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد مناطق محيط دمشق، لا سيما تلك التي تأثرت بالعمليات العسكرية، تزايداً ملحوظاً في انتشار الكلاب الشاردة وسط التجمعات السكنية. هذه الظاهرة، التي دفعت العديد من السكان لمغادرة منازلهم خلال سنوات الحرب الماضية، باتت اليوم مصدراً لقلق بالغ ومتاعب يومية للأهالي، خاصة عند التنقل من وإلى العمل أو المنزل ليلاً.
لا تقتصر المشكلة على الإزعاج اليومي، بل تمتد لتشمل مخاطر صحية ونفسية جسيمة. فالكلاب الشاردة قد تنقل أمراضاً خطيرة مثل داء الكلب، وتتسبب أصواتها المزعجة في آثار نفسية سلبية، فضلاً عن بث الخوف والرعب في قلوب الأطفال والطلاب أثناء توجههم إلى مدارسهم.
تعبر أمل الخطيب، وهي موظفة حكومية من سكان مخيم اليرموك ولديها طفل في الروضة، عن معاناتها اليومية. تضطر الخطيب للخروج من منزلها في السابعة إلا ربع صباحاً للوصول إلى عملها، وفي هذا التوقيت تكون الشوارع مكتظة بالكلاب الشاردة. وتصف الخطيب الرعب الشديد الذي يتعرض له ابنها الصغير خلال طريقهما، بالإضافة إلى أصوات الكلاب المزعجة ليلاً التي تحرمهم النوم بسبب انتشارها قرب منزلهم.
وتنتقد الخطيب سلوك بعض الجيران الذين يقومون بإطعام الكلاب، معتبرة أن ذلك يشجعها على البقاء في المنطقة، ولا يراعي مخاوف الناس، وخاصة الأطفال الذين يذهبون إلى المدارس باكراً. وتطالب الخطيب بإبعاد هذه الكلاب عن التجمعات السكنية على الأقل، مؤكدة أنها لا تستطيع الإقدام على تسميمها أو قتلها.
من جانبها، كشفت مرام مسعود، المقيمة في منطقة الحجر الأسود، لموقع عنب بلدي عن انتشار هائل للكلاب الشاردة في منطقتها، مشيرة إلى أن التكاثر المستمر يضاعف أعدادها بشكل مقلق. وتشارك مسعود أمل الخطيب معاناتها، حيث تضطر للذهاب إلى عملها في السابعة صباحاً وسط انتشار كثيف للكلاب، كما تقوم بإيصال ابنتها الطالبة في المرحلة الثانوية إلى المدرسة بسبب خوفها الشديد.
وتصف مرام سلوك الكلاب، حيث تنام على أسقف السيارات ليلاً وتقفز على المارة صباحاً. وتلفت إلى أن إطعام البعض للكلاب ثم التوقف عن ذلك يجعلها أكثر شراسة في تعاملها مع الناس. وتضيف أن الكلاب تتجمع ليلاً تحت نافذة منزلها الذي لا يزال قيد الترميم ويحتوي على فجوات، مما يجعل أصواتها تبدو وكأنها تعيش داخل المنزل، الأمر الذي يحرم أولادها من النوم بسبب الخوف. وتطالب مرام مسعود بحل جذري للمشكلة يحافظ على سلامة الكلاب ويرفض قتلها أو تسميمها.
أما أحمد العلي، أحد سكان منطقة يلدا بريف دمشق، فيرفض بشدة فكرة تسميم الكلاب لأسباب إنسانية. ويقترح العلي إرسالها إلى الجمعيات المتخصصة بالحيوانات للتعامل معها بأساليب صحيحة. ويرى العلي أن الكلاب منتشرة في جميع مناطق ريف دمشق، وأن الأطفال هم من يبادرون بمهاجمتها وإيذائها. ويوضح أن المناطق المهجورة لفترات طويلة، مثل تلك التي هُجرت لثلاثة عشر عاماً، تصبح ملاذاً للكلاب، مشيراً إلى أنها تميل للابتعاد عن التجمعات السكنية والبحث عن الأبنية المهجورة بمجرد عودة السكان.
في سياق متصل، أكد المكتب الإعلامي في وزارة الصحة لموقع عنب بلدي أن الوزارة تبنت استراتيجية جديدة مع مطلع العام الحالي للتحكم بأعداد الكلاب الشاردة. تتضمن هذه الاستراتيجية التقاط الكلاب، وإجراء عمليات تعقيم (إخصاء) وتلقيح لها، ثم إعادتها إلى بيئتها بدلاً من قتلها.
وأوضح المكتب أن هذه المقاربة تلعب دوراً محورياً في الحد من تكاثر الكلاب، وتشكل في الوقت ذاته جزءاً أساسياً من جهود الوقاية من داء الكلب، نظراً لما تتضمنه من تحصين ضد الفيروس المسبب للمرض. وأشار إلى أن عدد مراكز داء الكلب في سوريا وصل إلى 34 مركزاً، مع التحضير حالياً لافتتاح ثلاثة مراكز إضافية.
وبيّن المكتب الإعلامي أن قتل الكلاب لا يوقف سلسلة انتقال العدوى، خاصة مع سوء التعامل مع الجثث، كما أن القتل يزيد من خوف الكلاب، مما قد يدفعها لشن هجمات أكثر شراسة على السكان، وبالتالي يرتفع خطر انتقال داء الكلب. وتنصح وزارة الصحة السكان بعدم الاقتراب من الكلاب أو مهاجمتها، خصوصاً الأمهات التي لديها جراء.
وتشدد الوزارة على أهمية التوجه الفوري لأقرب مركز صحي أو مركز متخصص بداء الكلب عند التعرض لعضة، مؤكدة توفر كادر مدرب ومؤهل لتقييم الحاجة لتطبيق المصل المضاد أو اللقاح اللازم.
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي
سوريا محلي