المعلمون السوريون العائدون من تركيا يواجهون تحديات التثبيت والاعتراف بخبراتهم


هذا الخبر بعنوان "رحلات من “العذاب” دون تثبيت للمعلمين القادمين من تركيا" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
عاد المدرّس السوري كمال محمد عيسى إلى وطنه قبل أكثر من شهرين قادمًا من تركيا، بعد قضائه أكثر من 12 عامًا في المهجر، متطلعًا للعودة إلى مهنة التدريس. إلا أن آماله اصطدمت برفض وزارة التربية تعيينه في المدارس السورية. يروي عيسى أن أحد الموجهين التربويين وصفه هو وزملاءه من المدرّسين الذين لجؤوا إلى تركيا بـ"الفارين من الجهاد"، وعامله وكأنه "عنصر من النظام السابق".
تخرج عيسى عام 2008-2009، ودرّس لمدة ثلاث سنوات بالوكالة في قريته، كفر عويد، التابعة لمدينة معرة النعمان، وفي القرى المحيطة بها في ريف إدلب الجنوبي. ثم اضطر للانتقال إلى تركيا أواخر عام 2012، في أعقاب اندلاع الثورة السورية واشتداد القصف على المناطق المدنية.
لجأ المدرّس عيسى إلى مخيم مدينة نزب، التابعة لولاية غازي عينتاب التركية، حيث تطوع بتدريس الطلاب السوريين في المخيم لمدة ست سنوات. ويشير إلى أن السنوات الثلاث الأولى لم يتقاض فيها أي أجر، ثم بدأوا بتلقي أجور رمزية بعد ذلك. انتقل المعلم السوري لاحقًا للعمل في مدارس مدينة نزب التركية، إلى جانب المعلمين الأتراك، بهدف المساهمة في رفع مستوى الطلاب السوريين. توقف عملهم بعد أن أنهت منظمة "يونيسف" عقودهم بين عامي 2021 و2022.
وكانت منظمة "يونيسف" قد أنهت عقود آلاف المدرسين السوريين الذين انتدبتهم للعمل في المدارس التركية بشكل مفاجئ، بعد أن كانت تتكفل بدفع رواتب لم تصل أحيانًا إلى الحد الأدنى المقرر في قوانين العمل التركية. وفي آب من عام 2017، وصل عدد المعلّمين السوريين "المتطوعين" في المراكز المؤقتة إلى أكثر من 13 ألف معلّم ومعلّمة، وأعلنت وزارة التربية التركية حينها عن اكتفائها بهذا العدد. تعاملت تركيا ومنظمة "يونيسف" مع هؤلاء المعلمين كـ"متطوعين"، ما حرمهم من الاستفادة من قوانين العمل الناظمة لعمل المدرسين في تركيا.
قصة عيسى تتشابه مع ما مر به المدرّس عبد الكريم عبد الرحمن، الذي هاجر إلى تركيا عام 2012، وعاد بعد "سقوط النظام"، برفقة نحو 800 إلى 1000 مدرس آخر، وفق تقديرات مدرسين قابلتهم عنب بلدي. خلال فترة عمله مع منظمة "يونيسف"، قام عبد الرحمن بتدريس الطلاب السوريين والإشراف عليهم في المدارس التركية، مسهمًا في بناء جسر تواصل بين الطلاب وأولياء الأمور والإدارات التركية. كما عمل مرشدًا نفسيًا، وأمين مكتبة عامة، ومعاون مدير في مركز التعليم العام، وتابع تسجيل الطلاب السوريين في الدورات التعليمية لجميع الفئات العمرية من 11 سنة حتى 50 سنة.
يضيف عبد الرحمن في حديثه إلى عنب بلدي: "نملك خبرة حقيقية في التعامل مع الأطفال واليافعين الذين عاشوا تجربة اللجوء، ونعرف لغتهم وطريقة تفكيرهم واحتياجاتهم التعليمية، خصوصًا أن كثيرًا منهم لم يكن يتقن اللغة العربية عند عودته".
المدرّس حسين الحسين، المنحدر من محافظة إدلب والذي عمل بالتدريس في تركيا، أكد أنه تلقى ثلاث شهادات في التربية، بالإضافة إلى شهادة في تعلم اللغة التركية، حصل عليها من جامعة "كوتاهيا". وتُعادل هذه الشهادات التأهيل التربوي في سوريا. كما تلقى عيسى شهادات مشابهة، وفق ما أفاد به.
يقول الحسين: "كنا نؤدي واجبنا بإخلاص تجاه أبنائنا الطلاب السوريين، ونزرع فيهم الأمل بالعودة وبناء الوطن، مؤمنين بأن رسالتنا التعليمية لا تتوقف عند الحدود". اليوم، وبعد عودته إلى وطنه الأم، يحمل الحسين أملًا بأن تُنصفهم وزارة التربية السورية، من خلال تثبيتهم في الملاك الرسمي، واحتساب سنوات خدمتهم السابقة أسوة بزملائهم داخل سوريا.
يطالب المدرسون بتثبيتهم ضمن الوزارة، ليتسنى لهم متابعة عملهم في التدريس، ومنحهم أرقامًا ذاتية. وصف الحسين هذه المطالب بأنها حق مشروع، وهو الاعتراف بجهودهم في خدمة التعليم السوري خارج الوطن، ومتابعة رسالتهم تحت راية وزارة التربية في الداخل.
من جانبها، وجهت وزارة التربية والتعليم بتشكيل لجنة متخصصة داخل الوزارة لتحديد آلية استكمال إجراءات عمل الكوادر التربوية السورية القادمين من تركيا، وفق ما أعلنته الأحد 21 من كانون الأول. وتشمل هذه الآلية إجراء المقابلات، تمهيدًا لاستكمال عمل الكوادر التربوية في المحافظات حسب الحاجة والشهادة العلمية التي يحملونها.
واعتبرت الوزارة أن توجيهها جاء تقديرًا للتضحيات والجهود التي بذلها الكادر التربوي السوري في تركيا، ويأتي في إطار تسوية أوضاع الكوادر الوظيفية أصولًا، وتعزيز وحدة المنظومة التربوية وضمان استقرار الكوادر التربوية، وفق ما أوردته التربية.
نظم بعض المعلمين العائدين من تركيا وقفة احتجاجية أمام مديرية التربية في مدينة إدلب، في 18 من تشرين الثاني الحالي، للمطالبة بإعادة تثبيتهم. وأشار كمال عيسى، الذي كان حاضرًا الوقفة، إلى أن مدير التربية وعد بإيصال القضية إلى الوزير ومتابعتها. وكانت القضية قد وصلت بالفعل إلى وزارة التربية، وفق ما أخبر به المدرسون، إلا أنها ما زالت قيد الوعود التي لم تُنفذ.
ووفق ما أشار إليه المعلمون، فقد اجتمعوا مع وزارة التربية منتصف تموز الماضي، لبحث دمجهم ضمن كوادر التربية، بعد أن سلمت منظمة "يونيسف" ملفاتهم. ونتج عن الاجتماع وعود بدراسة كل طلب حسب الاختصاص والخبرة، وتثبيت الملف المقبول عاملًا في الدولة وأخذ رقم ذاتي وضم سنوات الخدمة لذاتية المعلم، بعد إجراء مقابلة في مديرية التربية بالمحافظة.
سمحت الوزارة لأي شخص بتقديم الأوراق عن المعلم الموجود خارج البلد، وفي المقابل، ستتحقق الوزارة من جميع الوثائق المقدمة، من خلال التواصل مع "يونيسف" ووزارة التربية التركية، مشددة على معاقبة من يقدم وثيقة غير صحيحة. ووفق وثيقة اطلعت عليها عنب بلدي، طلبت الوزارة من مديري التنمية الإدارية قبول جميع طلبات المراجعين للمعلمين الذين عملوا خارج سوريا.
الأوراق المطلوبة هي:
وكانت وزارة التربية السورية قد أصدرت قرارات سابقة بإعادة المفصولين بسبب أحداث الثورة السورية، وإعادتهم إلى ملاك الوزارة. على الجانب الآخر، تواجه الوزارة أزمة مشابهة تتعلق بالمعلمين الذين كانوا ضمن مناطق شمال غربي سوريا، ضمن ملاك المجالس المحلية، التي كانت تتبع لـ"الحكومة السورية المؤقتة". وطالب معلمو الشمال السوري بتثبيتهم ومنحهم أرقامًا ذاتية، إلا أن مطالبهم ما زالت معلقة، ولم تتجاوز الوعود بالحل.
سوريا محلي
سوريا محلي
سياسة
سوريا محلي